فرق آخر:
الفارس يمكنه الكر والفر والروغان والجولان إلى غير ذلك، والراجل قد ربط روحه وأوثق نفسه وألحج (1) بدنه محتسبا صابرا على مكروه الجراح وفراق الأحبة، فكيف البائت على الفراش.
لكن إذا كانت المحنة أكثر كان الأجر أجزل، وأدل على شدة الإخلاص وقوة البصيرة.
وعلى قدر مبالغته في الجهاد يكون له المحبة من الله تعالى، ومن أحبه الله كان جديرا بالتقدم على غير، وعلى كثرة الجبن من غيره يحصل لصاحبه عكس ذلك.
وله في ذلك كله الفخر والمدح، والتفرد بهذه الفضيلة على جميع البشر والملائكة.
وما امتحن الله الملكين إلا وقد علم من حالهما أنهما لا يصبران على أن يكون الواحد منهما باذلا نفسه دون أخيه ومؤثره بعمره على نفسه، ثم [ما] كلفهما ذلك إلا للتنبيه على فضل علي عليه السلام وليرى الملكين عملهما.
والله أعلم بما أراد، وبالجملة إن فعله تبارك وتعالى لا بد فيه من غرض.
ومبيته عليه السلام يدل على تحقيق الوعد الصادق عنده، من قوله تعالى * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل) * (2).
ثم إنه عليه السلام خرج جهارا في إناث ورحال وأموال وهوادج فيها