فصل (في ذكر وجوب نصب الإمام على الله سبحانه وتعالى) الدليل على وجوب نصب الإمام على الله تعالى هو: أن العادة جارية في جميع الأزمنة أن الناس متى كان لهم رئيس يرجعون إليه في تدبير أمورهم ويفزعون إليه عند اختلاف أحوالهم، مهيب ذو قوة يردع الناس (1) وينصف المظلوم من الظالم، يؤدب الجناة ويقم العصاة ويقمع الغواة ويضع الأشياء مواضعها، كانوا إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد ويكثر الصلاح ويقل الفساد، ومتى خلوا من رئيس موصوف بما ذكر انعكس الأمر فيما بينهم [...]، فهو واجب على الله سبحانه وتعالى [...] (2) تحققها، والدافع لهم جاحد للضروريات.
وقد ضربوا لذلك الأمثال وأنشدوا فيه الأشعار، فمن أمثالهم: مثل الملك والدين مثل الروح والجسد، فلا انتفاع بروح من غير جسد ولا بجسد من غير روح. وقالوا: إن الملك والدين أخوان توأمان لا قوام لأحدهما إلا بالآخر.
ومن أشعارهم في المعنى ما ذكروه عن الأفوه الأودي (3) - قالوا: وكان من حكماء العرب:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * ولا سراة إذا جهالهم سادوا إذا تولى سراة القوم أمرهم * نمى على ذلك أمر الناس فازدادوا