يقتضي الاختصاص، وحكم المعطوف ههنا حكم المعطوف عليه، لأنه عطف مفرد على مفرد. فيكون لعلي بن أبي طالب عليه السلام من ثبوت الولاية ما ثبت لله عز وجل ولرسوله عليه السلام، لأنه المعني بالذين آمنوا كما مر بيانه.
ومما يزيد ذلك بيانا وإيضاحا أن علي بن أبي طالب هو المعبر عنه بالذين آمنوا: إن الله قد وصفه بصفة في قوله: * (يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهو راكعون) *، فليس كل من يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة في الماضي والمستقبل يدخل تحت هذا القول، وإنما ذلك مختص بمن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة في حال ركوعه كما وصف تعالى، لأنه محمول على الحال عند التجويز لا يحمل على غيره، لأن القائل إذا قال (لقيت زيدا وهو راكب) و (رأيته وهو يأكل) لا يفهم منه إلا أنه لقيه في حال ركوبه ورآه في حال أكله، وكذا قوله تعالى لا يفهم منه إلا أنهم يؤتون الزكاة في حال ركوعهم لا فيما مضى ولا فيما يستقبل.
فإذا ثبت له الولاية ثبتت له الإمامة ووجبت طاعته، وإذا ثبتت طاعته ثبتت عصمته، لأنه سبحانه إذا أوجب له من فرض الطاعة مثل ما أوجبه لنفسه ولنبيه عليه السلام اقتضى ذلك طاعته في كل شئ. وهذا برهان عصمته، لأنه لو لم يكن كذلك لجاز منه الأمر بالقبيح فيقبح طاعته، وإذا قبحت كان تعالى قد أوجب فعل القبيح، وقد علم بأن ذلك لا يجوز عليه سبحانه وتعالى.
وهذا الصفة - وهي إيتاء الزكاة في حال الركوع - لم تثبت إلا لعلي عليه السلام خاصة دون الأمة بأسرها.