وإذا دل الدليل على أن التعبد بالقياس غير جائز، وجب أن يكون في الأمة معصوم يمكن الرجوع إليه في المسكوت عنه، وإلا لزم تكليف ما لا يطاق، وهو محال. ومن الناس من أجاز تكليف ما لا يطاق، فخرج بذلك عن القول بعد الله سبحانه وتعالى.
فصل [الدليل على أفضلية الإمام] وأما الدليل على كونه أفضل وأعلم الناس بأحكام الشريعة وبوجوه السياسة والتدبير، فيدل عليه وجهان:
الأول: أنه مقدم في ذلك، فيجب أن يكون أفضل. أما الأولى فبالإجماع لأن الكلام على هذا التقدير، وأما الثانية فلأنه معلوم قبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه. ألا ترى أنه يقبح تقديم ضعيف الخط على ابن مقلة وابن البواب في الخط، وكذا يقبح تقديم المبتدئ في الفقه على أبي حنيفة والشافعي في الفقهيات، وهكذا تقديم المسترشد في الأصول على أبي هاشم وأبي الحسين في الأصول.
وإنما قبح جميع ذلك لأنه تقديم المفضول على الفاضل فيما هو متقدم عليه فيه، بدلالة أن من عرف ذلك عرف قبحه وإن لم يعرف شيئا آخر، ومن لم يعرف ذلك لم يعرف قبحه، وإنما عرفه على أوصاف أخر سوى وجوه القبح. فيجب أن يكون تقديم المفضول على الفاضل فيما هو متقدم عليه هو وجه القبح لا غير.
وهذا هو استدلال القوم على أن كون الفعل ظلما أو القول كذبا وغيرهما من وجوه القبح هي المؤثرة في القبح لا غير.