كل شئ لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده).
(أنشأ الخلق إنشاء، وابتدأه ابتداء، بال روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها (1)).
(أحال الأشياء لأوقاتها، ولأم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها، وألزمها أشباحها. عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها وانتهائها).
وهذا كلامه عليه السلام قد أخذ من الحكمة ينابيعها، ومن البراعة جلابيبها، ومن البلاغة مقاليدها، وفيه من الدلالة ما تقصر الكتب المطولة عن غاية تحصيله، وتعجز عن بلوغ تفصيله، وتقر مذعنة بعلائه وتشريفه، وتخضع لغوامض علمه وتدقيقه، وتخشع لبلاغة لفظه وتلخيصه.
وأما فتاوى أبي بكر في الفروع [فقد] مضى منها ذكر البقرة ولا حمار في الفصل العاشر.
ومن ذلك ما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الإرشاد عن رجال من الطريقين (2) قال: إن رجلا رفع إلى أبي بكر وقد شرب الخمر، فأراد أن يقيم عليه الحد، فقال له: إني شربتها ولا علم لي بتحريمها، لأني نشأت بين قوم يستحلونها ولم أعلم بتحريمها حتى الآن. فأرتج على أبي بكر الأمر بالحكم عليه ولم يعلم وجه القضاء فيه، فأشار عليه بعض من حضره أن يستخبر أمير المؤمنين عليه السلام عن الحكم في ذلك. فأرسل إليه من سأله [عنه]، فقال أمير المؤمنين عليه السلام، مر ثقتين من رجال المسلمين