فإني لأعلم أنكم ما تثيبون إلى خير، فإن فيكم من يطرح في القليب ومن يحزب الأحزاب.
ثم قال يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله، في الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصف أجنحة الطير، حتى وقفت بين يدي رسول الله (ص) بتفرقة وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله وبعض أغصانها على منكبي وكنت عن يمينه.
فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا عتوا واستكبارا: مرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها، فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشد دوي، وكادت تلتف برسول الله. قالوا كفرا وعتوا: فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان، فأمره رسول الله (ص) فرجع، فقلت أنا: لا إله إلا الله، إني أول مؤمن بك يا رسول الله، وأول من آمن بأن شجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقا لنبوتك وإجلالا لكلمتك. فقال القوم كلهم: بل ساحر كذاب عجيب السحر خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا - يعنوني، وإني من القوم الذين لا يأخذهم في الله لومة لائم، سيماهم سيماء الصديقين وكلامهم كلام الأبرار، عمار الليل ومنار النهار، مستمسكون بحبل الله القرآن، يحيون سنن الله وسنن رسوله، لا يستكبرون ولا يعلون ولا يفسدون، قلوبهم في الجنان وأجسادهم في العمل. هذا آخر روايته.
ومعلوم أن هذا المقام مقام عظيم، يتنازعون فيه الخلافة والتوصل إليها، لا يمكن إلا أن يكون بذريعة قوية وحجة جلية، بحيث يكون المناوئ له فيها والدافع له عنها لا يستطيع رد شئ من الحجج الواردة