فصل (في ذكر وجوب العصمة للإمام) الدليل على العصمة: هو: أن شريعة النبي صلى الله عليه وآله مؤبدة لازمة لكل مكلف باقية (1) إلى يوم القيامة، ولا بد لها من حافظ، وحفظها لا يخلوا:
إما أن يكون إلى الأمة جميعها، أو إلى بعضها.
لا يجوز أن يكون الحافظ لها الأمة جميعا، لأن الأمة يجوز عليها السهو والغلط وتعمد الباطل، لأن العصمة مرتفعة عن كل واحد من الرعية، وما جاز على آحادها جاز على جميعها.
فإن قيل: الشريعة محفوظة بالأمة، والدلالة السمعية قامت بأن الأمة لا تجتمع على ضلال بقول الرسول عليه السلام (لا تجتمع أمتي على ضلال) (2).
فالجواب: إن أحكام الشريعة لم تجتمع عليها الأمة، بل رأينا في الحكم الواحد أقوالا مختلفة وأجوبة شتى. هذا مع تسليم الخبر وتسليم روايته بالرفع، فأما من جزم (تجتمع) وجعل (لا) في الخبر ناهية لم يبق في الخبر دلالة، فيكون النبي صلى الله عليه وآله نهى الأمة أن تجتمع على ضلال.