وسار بهم حتى صار إلى مدينة الباب والأبواب فنزلها ورمها وأحكم الأبواب التي لها.
ثم أمر ببناء الأبواب فبنيت على هيئة مدينة النبات ممدودة على السور إلى جبل يقال له الكنك (1). فأول الأبواب باب يقال له كمبخ ثم البردنة ثم الحميد ثم باب الحديد وباب واف وباب الرسل الصغرى وباب الرسل الكبرى وباب أرسى وباب أدرموسى وهو آخر الأبواب (2). قال: ثم فرق يزيد بن أسيد هؤلاء الأجناد الذين كانوا معه فأنزلهم الباب والأبواب وجعلها مسكنا لهم ولعقبهم، وأجرى لهم الارزاق التي كانت بنو أمية أجرت لهم قبل ذلك.
قال: ثم بعث المنصور بعد ذلك إلى يزيد بن أسيد فعزله عن إرمينية وولى مكانه بكار بن مسلم العقيلي فكانت ولايته سنة وأربعة أشهر، ثم عزله المنصور وولى مكانه الحسن بن قحطبة الطائي، فأقبل حتى دخل إرمينية في خمسين ألفا من أهل خراسان وأهل الشام والعراق. فلما دخل الحسن بن قحطبة إلى بلاد إرمينية انتقضت عليه الضياربة (3). وهم صنف من أصناف الكفار بأرض يقال لها أرض جرزان فلم يقدر الحسن بن قحطبة على أن يسكنهم فكتب إلى المنصور، فأمده المنصور بأربعة من قواده منهم عامر بن إسماعيل الجرجاني (4) وعيسى بن موسى الخراساني والفضل بن دينار ومقاتل بن صالح، فأقبل هؤلاء القواد في ثلاثين ألف فارس فسار بهم الحسن بن قحطبة إلى جرزان. قال: واجتمعت الضياربة وأهل حاحط (5) وهم أيضا صنف من الكفار فاجتمعوا على المسلمين في جمع عظيم واقتتلوا، فظفر الله المسلمين بهم، فقتلوا في معركة واحدة منهم عشرة آلاف وأغنمهم الله أموالهم ودوابهم وسلاحهم، ورجع قواد المنصور إلى العراق.
وبقي الحسن بن قحطبة بإرمينية، فأقبل حتى نزل إلى مدينة برذعة، ودعا بابن له يقال له قحطبة فولاه الباب والأبواب، ودعا بابنه إبراهيم فولاه بلاد جرزان من تفليس وما والاها، ودعا بابنه محمد فولاه إرمينية الرابعة من بلاد أخلاط وقاليقلا (6)