كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٧
هبيرة قد نقض ما كان عليه من الوفاء، وأنه يدعو إلى خلع بني العباس سرا، فبلغ أبا جعفر ذلك، ولم يبلغ ما بلغه حتى اتصل ذلك بأبي العباس أمير المؤمنين، فكتب أبو العباس إلى أخيه أبي جعفر بذلك وقال: إنه قد نقض ما كان عليه من العهد وخالف الامر وقد أبيح دمه فاقتله! قال: فلم يقبل أبو جعفر ذلك أيضا وجعل يسأل ويبحث عن صحة ذلك حتى صح عنده من الثقات العدول، فعندها أمر بقتله (1)، فقتل وقتل معه أربعون (2) رجلا من شيعته وأهل بيته. قال وأنشد الهلالي (3) يقول أبياتا مطلعها:
غلب العزاء حرارة الصدر * والصبر عقد عزيمة الامر (4) إلى آخرها.
خبر السيد بن محمد الحميري قال أبو الحسن المدائني: أخبرني أبو العباس الفلسطيني قال: دخل السيد (5) بن محمد الحميري على أمير المؤمنين أبي العباس السفاح (6) فوقف بين يديه وأنشأ يقول بعد أن استأذن في ذلك أبياتا مطلعها:

(1) كذا بالأصل، ويفهم من سياق العبارة في الطبري وابن الأثير والإمامة والسياسة أن قتله كان بأمر أبي العباس، دون قبول من أبي جعفر، وفي الإمامة والسياسة: كان من رأي أبي جعفر الوفاء لابن هبيرة وأصحابه.
(2) في الأصل أربعين.
(3) هو منقذ بن عبد الرحمن الهلالي. كما في الطبري 7 / 457.
(4) البيت في الطبري:
منع العزاء حرارة الصدر * والحزن عقد عزيمة الصبر (5) هو إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري.
(6) فيمن لقب بالسفاح عبد الله بن علي أم ابن أخيه أبي العباس الخليفة الأول أقوال.
ناقش الأستاذ نيكلسون في كتابه (Note I 253: p) The Preaching of Islam.
لفظ السفاح فقال: لقد ذهب بعض المؤرخين إلى القول بأن السفاح معناه الرجل الكثير العطايا أو المناح ومع كل فإنه مما يهمنا ملاحظته أن هذا الاسم قد أطلق على بعض شيوخ القبائل في الجاهلية.
ويقال إن سلمة بن خالد الذي قاد بني تغلب في معركة يوم الكلاب الأول سمي السفاح لأنه أفرغ مزاد جيشه قبل الوقعة. وفي اللسان: رجل سفاح للدماء: سفاك. ورجل سفاح: معطاء من ذلك، وهو أيضا الفصيح. والسفاح لقب عبد الله بن محمد أول خليفة من بني العباس.
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»
الفهرست