اليوم مسافر بن كثير القصاب (1) قد استولى على بلاد أذربيجان خاصة. فلما سمع بقدوم محمد بن صول إلى البلاد مضى إلى قلعة يقال لها قلعة الكلاب (2) من بلاد الروم فتحصن بها، وسار محمد بن صول حتى نزل عليه، فلم يزل يحاربه حتى قتله وقتل جماعة من أصحابه وهرب الباقون إلى جبال سجستان. قال: وبعث محمد بن صول برأس مسافر بن كثير ورؤوس أصحابه إلى أمير المؤمنين أبي العباس، وأقبل إلى مدينة يقال لها البيلقان فنزل بها أياما، ثم رحل إلى مدينة برذعة فأقام بها مدة في ولايته. ثم بعث أبو العباس إلى محمد بن صول فعزله وولى أخاه أبا جعفر أرمينية وأذربيجان وبلاد الجزيرة، فأقبل أبو جعفر حتى دخل بلاد أرمينية وكان يشتي بموضع يقال له كيران (3) ويصيف بمرج يقال له الضاربة من أرض جرزان.
قال: وقدم أبو مسلم من خراسان على أبي العباس في جيش عظيم، (4) وبلغ أبا جعفر (5) قدوم أبي مسلم (6) من خراسان فكأن لم يحب أن يكون أبو جعفر بأرمينية وأبو مسلم بالعراق، واتقى أن يكون منه غائلة أو شيء من بغض الخلافة، فدعا بالحسن بن قحطبة فاستخلفه على عمله وانصرف إلى العراق، فكان الحسن بن قحطبة خليفة أبي جعفر في البلاد إلى أن توفي أبو العباس.
قال عبد بن سالم مولى بني مخزوم: سمعت مشيخة بني سالم يقولون: كانت خلافة أبي العباس أربع سنين وسبعة أشهر، وتوفي بالأنبار (7) ليلة الاحد ثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة سبع وثلاثين ومائة، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة (8)، وصار الامر إلى أخيه أبي جعفر وهو الملقب بالمنصور.