إلى آخرها.
قال أبو العباس: يا صالح! ألم آمرك أن تعطي سديفا ألف دينار؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين! ولي من ذلك عذر، قال: لا عذر لك، الان اعطه ألف دينار وخيار ثيابي، ثم قال: خذها حتى ننظر فيما قلت.
قال: فلما خرج سديف بن ميمون من عند أبي العباس قال سليمان بن هشام:
يا أمير المؤمنين! إن مولاك سديفا يستحثك على قتلي وقتل ولدي هذين، وقد رأيت قتلت من أهل بيتي وبني أبي من قتلت، وقد بلغني أنك تريد أن تغتالني! قال:
فغضب أبو العباس وقطب من كلامه فقال: أما إلى وقتي هذا فإني قد كنت عزمت أن لا أطالبك ولا أطالب بنيك بشيء مما كنت أطلب به أهل بيتك، وقد وقع في قلبك أني أريد أن أغتالك، فيا جاهل! ما الذي يحول بيني وبينك إن أردت قتلك حتى أريد أن أغتالك! ثم نهض أبو العباس عن مجلسه فدخل قصره، وقام سليمان بن هشام وابناه فخرجوا. ثم عاد إلى مجلسه ودعا بأبي الجهم بن عطية وقال: علي بشرطة وبعبد الجبار بن عبد الرحمن - وكان على حرسه -، فأمرهما أن يخرجا سليمان بن هشام وابنيه إلى القرى ويأتيا برؤوسهم (1). قال: فلما أخرجوا علم سليمان ما يراد به وبولديه فقال: إنه لابد من إنفاذ ما أمركما به ولكن قدماهما بين يدي حتى احتسبهما ثم اتبعاني بهما، قال: ففعل به وبابنيه ما سأل، وردت رؤوسهم إلى أبي العباس حتى وضعت بين يديه، فأمر بها فنصبت قبالته، ثم قال لمن حضر عنده في مجلسه: أيكم يحفظ شعر الفضل بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة الهاشمي؟ فقال بعضهم: أنا أحفظه يا أمير المؤمنين! قال: هاته، فطفق يقول أبياتا مطلعها:
واني لأغضى عن أمور كثيرة * ولولا الذي أرجو من الامر لم أغض إلى آخرها.
قال أبو العباس: قد فعل الله بهم ذلك، وإذ لو كان صاحب هذا الشعر حيا لقرت عيناه.