حمل على الأزارقة فجعل يضرب فيهم ضربا منكرا، فأنشأ رجل من أصحاب المغيرة في ذلك يقول:
ألا لله ما لاقى معاذ * غداة النحر من سعد بن نجد دعاه للبراز فما تلكأ * وسعد في صدورهم كأحد وسعد ماجد بطل هزبر * وثوب في الوغى كوثوب فهد فيا سعد السعود فدتك نفسي * أعدها في فوارسهم وأبدي قال: وانكشفت الأزارقة من بين يدي ابن المهلب كشفة فضيحة، فأرسل المغيرة بهزيمة القوم إلى أبيه المهلب يخبره بذلك، ثم دخل مدينة سابور فضحى مع الناس (1).
فلما كان بعد الأضحى بثلاثة أيام إذا بالأزارقة وقد أقبلت بخيلها ورجلها مستعدين للموت. قال: وبلغ ذلك المهلب فعبى أصحابه كما كان يعبئهم، ثم تقدم بنفسه حتى وقف أمام الخيل واتبعه بنوه، فاختلط الخيلان بعضها ببعض وكلبت الأزارقة على المسلمين فاشتد القتال، وحمل المهلب بنفسه على القوم فلم يزل يقاتل حتى جرح سبع عشرة جراحة، فقال له رجل من أصحابه يقال له عباس الكندي: أيها الأمير، أصلحك الله! إن الله تبارك وتعالى قد جعل كفاية من ولدك وفتيانك وقوم وعشيرتك، فلم تلقى هؤلاء الأعداء بنفسك؟ فقال له المهلب: يا عباس! إن الأسد إنما غلظت رقبته لأنه رسول نفسه، يا عباس! إن بني فرسان ولكنهم لا يبلغون في الحرب مبلغي، فأنشأ كعب بن معدان الأشقري (2) في ذلك يقول أبياتا مطلعها:
وليس إذا رأى ابن الورد بعد * ومسحا بالمهلب في الصباح إلى آخرها.
قال: وعزمت الأزارقة على أن يبيت (3) المهلب في عسكره، فزحفت (4)