تثق بهم في الاقدام على المكروه. قال: فنادى يزيد بن المهلب في فرسان الأزد، فاجتمعوا إليه من كل أوب، فقال لهم: اعلموا أنه من تخلف عني في وقت حاجتي إليه محوت اسمه من الديوان. قال فقال أصحابه: أبا خالد! انظر إن تخلف منا عنك أحد فاضرب عنقه.
قال: فدنا يزيد بن المهلب في أصحابه، ودنا عطية بن الأسود في أصحابه، وتقدم فتى من بني ضبة من الأزارقة فجعل يقول شعرا. قال: ثم حمل الضبي على يزيد بن المهلب فضربه فلم يصنع شيئا، وضربه يزيد ضربة لم يتمكن منه كما يريد، فسقط الضبي إلى الأرض فأخذه يزيد أسيرا، فلما رآه غلاما شابا استحيى أن يقتله فقال له: الحق بأهلك ما كنت الذي أقتل مثلك.
قال: ثم تقدم عطية بن الأسود حتى وقف بين الجمعين وطلب البراز، فذهب يزيد بن المهلب ليخرج إليه، فتقدم رجل من أصحابه فأخذ بلجام فرسه فقال: أبا خالد! لا تخرج إليه فإنه من الابطال المعدودين في الأزارقة، قال: فغضب يزيد بن المهلب ثم قال: أطلق ويلك لجام الفرس وإلا هممتك بالسيف! قال: فتنحى الرجل وحمل يزيد بن المهلب على عطية بن الأسود فالتقيا بضربتين [وضربة يزيد] ضربة على بيضته فصرعه عن فرسه، وهم أن يضربه أخرى غير أنه اشتغل بغيره، فوثب عطية بعده حتى اختلط بالقوم، فاقتتلوا يومهم ذلك إلى الليل. فلما اختلط القوم انهزمت الأزارقة وقد قتل منهم جماعة، فأنشأ رجل من بني أسد في ذلك يقول أبياتا مطلعها:
أتانا عطية في خيله * فقال المهلب نادوا يزيدا إلى آخرها.
قال: فأقام القوم أياما متحاجزين قد كف بعضهم عن بعض، قال: وإذا قوم من الأزارقة (1) قد أقبلوا إلى سرح المهلب فاستاقوا منه نيفا على ثلاثمائة رأس.
قال: فصاح المهلب بابنه مدرك، فقال: يا بني! إن السرح قد ذهب بعضه، وإنما نحن بالله ثم بالسرح، فالحق القوم! قال: فنادى مدرك في فرسان الأزد، فركبوا وركب مدرك في خيله نحو السرح حتى لحقه، وإذا رجل من الأزارقة يسوق السرح