كغمز التنين، ولا أقرع كقرع المرقة، ولا يقعقع لي بالشنان (1)، ولقد فررت عن ذكاء (2)، وفتشت عن تجربة، وجربت إلى الغاية القصوى، وإني لأحمد الرجل منكم بفعله وأحذوه بنعله، وإن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان نكث كنانته فعجم (3) عيدانها عودا عودا، فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا وأحزمها أمرا وأصدقها مخبرا، فوجهني إليكم ورماكم بي أميرا عليكم، لان الشيطان قد باض في نحوركم، ودب ودرج في صدوركم، فأنتم له زين، وهو لكم قرين (ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) (4)، يا أهل الكوفة! إنكم طالما أبطأتم عن الحق، وعدلتم عن الصدق، وسننتم سنن الغي والجهالة، وتسكعتم في العمى والضلالة، وأيم الله لأقرعنكم قرع المروءة، ولأعصبنكم عصب السلمة (5)، ولأقطعنكم عن خضاب الكثم، ولأبرينكم بري القلم، واعلموا أني لا أعد إلا وفيت، ولا أقول إلا أمضيت، ولا أدنو إلا فهمت، ولا أبعد إلا سمعت، فإياكم وهذه الهنات والجماعات والبطالات وقال وقيل وماذا يقول (6)، وأمر فلان إلى ماذا يؤول، وما أنتم يا أهل العراق ويا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الاخلاق! وإنما أنتم أهل قرية (كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) (7)، ألا! وإن خير الرأي ما هدى الله به العباد، إلى سبيل الرشاد، فليعقل من كان له معقول، أو لسان به يقول، أو ذهن به يصول، أو رأي مدخول، ألا! وقد أتتكم بائقة من بوائق الزمان، ذات علم وبيان، يتلوها سطوة من سطوات الله ذي الجلال، يحتاج فيها كرائم الأموال، يراق فيها الدماء، ويجعل الحرائر فيها إماء، ثم لا يستطيعون عند ذلك عبرا، ويرونها لكم غيرا، فهيهات هيهات! لما قد مضى وفات، ما الخبر ما الخبر! الحجاج حية ذكر، يجتلى بسيفه الهام والقصر، وله في كل يوم نهر ومزدجر، ألا! من استوسقت لنا
(٩)