الأنفال بأسرها، فكان مما نزل منها في اختلافهم في النفل حين اختلفوا فيه:
{يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين}. فكان عبادة بن الصامت - فيما بلغني إذا سئل عن الأنفال، قال: فينا معشر أهل بدر نزلت، حين اختلفنا في النفل يوم بدر، فانتزعه الله من أيدينا حين ساءت فيه أخلاقنا، فرده على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه بيننا عن بواء - يقول: على السواء - وكان في ذلك تقوى الله وطاعته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وصلاح ذات البين.
ثم ذكر القوم ومسيرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرف القوم أن قريشا قد ساروا إليهم، إنما خرجوا يريدون العير طمعا في الغنيمة، فقال:
{كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون} أي كراهية للقاء العدو، وإنكارا لمسير قريش، حين ذكروا لهم {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} أي الغنيمة دون الحرب {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته، ويقطع دابر الكافرين} أي بالوقعة التي أوقع بصناديد قريش وقادتهم يوم بدر {إذا تستغيثون ربكم} أي لدعائهم حين نظروا إلى كثرة عدوهم، وقلة عددهم، {فاستجاب لكم} بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعائكم {أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين، إذا يغشيكم النعاس أمنة منه} أي أنزلت عليكم الأمنة حتى نمتم لا تخافون {وينزل عليكم من السماء ماء} للمطر الذي أصابهم تلك الليلة، فحبس المشركين أن يسبقوا إلى الماء، وخلى سبيل المسلمين إليه {ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم، ويثبت به الاقدام} أي ليذهب عنكم