شك الشيطان، لتخويفه إياهم عدوهم، واستجلاد الأرض لهم، حتى انتهوا إلى منزلهم الذي سبقوا إليه عدوهم.
ثم قال تعالى: {إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا} أي آزروا الذين آمنوا {سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق، واضربوا منهم كل بنان * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب} ثم قال: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}: أي تحريضا لهم على عدوهم لئلا ينكلوا عنهم إذا لقوهم، وقد وعدهم الله فيهم ما وعدهم.
ثم قال تعالى في رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بالحصباء من يده، حين رماهم: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} أي لم يكن ذلك برميتك، لولا الذي جعل الله فيها من نصرك، وما ألقى في صدور عدوك منها حين هزمهم الله {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا} أي ليعرف المؤمنين من نعمته عليهم في إظهارهم على عدوهم، وقلة عددهم، ليعرفوا بذلك حقه، ويشكروا بذلك نعمته.
ثم قال: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} أي لقول أبى جهل: اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا يعرف، فأحنه الغداة. والاستفتاح: الانصاف في الدعاء.
يقول الله جل ثناؤه: {وإن تنتهوا}، أي لقريش {فهو خير لكم، وإن تعودوا نعد}، أي بمثل الوقعة التي أصبناكم بها يوم بدر {ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت، وأن الله مع المؤمنين} أي أن عددكم