ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هذا عدو لله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه، قال: فأدخله على، قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال:
أرسله يا عمر، ادن يا عمير، فدنا ثم قال: أنعموا صباحا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة، فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد، قال: فما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف! وهل أغنت عنا شيئا! قال: اصدقني، ما الذي جئت له؟ قال:
ما جئت إلا لذلك، قال: بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين على وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان [بن أمية] بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك، قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لا أعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للاسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا.
ثم قال: يا رسول الله، إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، شديد الأذى