لمن كان على دين الله عز وجل، وأنا أحب أن تأذن لي لي، فأقدم مكة، فأدعوهم إلى الله تعالى، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى الاسلام، لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم، قال: فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلحق بمكة. وكان صفوان بن أمية - حين خرج عمير بن وهب - يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام، تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عنه الركبان، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فحلف أن لا يكلمه أبدا، ولا ينفعه بنفع أبدا.
قال ابن إسحاق: فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الاسلام، ويؤذى من خالفه أذى شديدا، فأسلم على يديه ناس كثير.
قال ابن إسحاق: وعمير بن وهب، أو الحارث بن هشام، قد ذكر لي أحدهما، الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر، فقال: أين أي سراق؟ ومثل عدو الله فذهب، فأنزل الله تعالى فيه {وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم - 48 من وسورة الأنفال} فذكر استدراج إبليس إياهم، وتشبهه بسراقة بن مالك ابن جشعم لهم، حين ذكروا ما بينهم وبين بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم. يقول الله تعالى: {فلما تراءت الفئتان} ونظر عدو الله إلى جنود الله من الملائكة، قد أيد الله بهم رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على عدوهم {نكص على عقبيه وقال: إني برئ منكم، إني أرى ما لا ترون}. وصدق عدو الله، رأى ما لم يروا وقال: {إني أخاف الله، والله شديد العقاب}. فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه، حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان نكص على عقبيه، فأوردهم ثم أسلمهم.
قال ابن هشام: نكص: رجع. قال أوس بن حجر، أحد بنى أسيد