تذكرون، فرأيت أن قتلة الحسين هم اشراف أهل الكوفة وفرسان العرب، وهم المطالبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون وعلموا انهم المطلوبون كانوا أشد عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثارهم ولم يشفوا أنفسهم ولم ينكوا في عدوهم وكانوا لهم جزرا، ولكن بثوا دعاتكم في المصر فادعوا إلى أمركم هذا شيعتكم وغير شيعتكم فاني أرجو أن يكون الناس اليوم حيث هلك هذا الطاغية أسرع إلى أمركم استجابة منهم قبل هلاكه ففعلوا وخرجت طائفة منهم دعاة يدعون الناس فاستجاب لهم ناس كثير بعد يزيد بن معاوية اضعاف من كان استجاب لهم قبل ذلك.
قال هشام:
قال أبو مخنف وحدثنا الحصين بن يزيد عن رجل من مزينة قال ما رأيت من هذه الأمة أحدا كان أبلغ من عبيد الله بن عبد الله المري في منطق ولا عظة وكان من دعاة أهل المصر زمان سليمان بن صرد وكان إذا اجتمعت إليه جماعة من الناس فوعظهم بدأ بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول:
أما بعد فان الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله على خلقه بنبوته وخصه بالفضل كله وأعزكم باتباعه وأكرمكم بالايمان به فحقن به دمائكم المسفوكة وآمن به سبلكم المخوفة وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون فهل خلق ربكم في الأولين والآخرين أعظم حقا على هذه الأمة من نبيها وهل ذرية أحد من النبيين والمرسلين أو غيرهم أعظم حقا على هذه الأمة من ذرية رسولها؟