موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٢
فقال رسول الله: كفي عنها يا حفصة فإنها خير منك، رغبت في رسول الله ولمتها وعبتها!
ثم قال للمرأة: انصرفي رحمك الله، فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك في وتعرضك لمحبتي وسروري، وسيأتيك أمري إن شاء الله.
فأنزل الله - عز وجل -: * (... وامرأة مؤمنة...) * فأحل الله - عز وجل - هبة المرأة نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله)، ولا يحل ذلك لغيره (1).
وفي تفسير القمي قال: كان سبب نزولها: أن امرأة من الأنصار أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد تهيأت وتزينت، فقالت له: يا رسول الله، هل لك في حاجة؟ فقد وهبت نفسي لك!
فقالت عائشة: قبحك الله! ما أنهمك للرجال؟!
فقال لها رسول الله: يا عائشة، انها رغبت في رسول الله إذ زهدتن فيه!
ثم قال للمرأة: رحمكم الله يا معاشر الأنصار، نصرني رجالكم ورغبت في نساؤكم، ارجعي رحمك الله فإني انتظر أمر الله.
فأنزل الله: * (... وامرأة مؤمنة...) * فلا تحل الهبة الا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
وقال الطبرسي: قيل: انها لما وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله) قالت عائشة: ما بال النساء يبذلن أنفسهن بلا مهر؟! فنزلت الآية.
فقالت عائشة: ما أرى الله إلا يسارع في هواك!
فقال رسول الله: وإنك لو أطعت الله سارع في هواك (3).

(١) فروع الكافي ٥: ٥٦٨، الحديث ٥٣.
(٢) تفسير القمي ٢: ١٩٥.
(٣) مجمع البيان ٩: ٥٧١ وفيه وفي التبيان عن الشعبي: أنها زينب بنت خزيمة الأنصاري أم المساكين. وعن ابن عباس: أنها ميمونة بنت الحارث كانت وهبت نفسها للنبي بلا مهر - مجمع البيان ٨: ٣٥٠، وميمونة بنت الحارث هي الهلالية خالة ابن عباس نفسه، والتي زوجها النبي أبوه العباس في عمرة القضاء آخر السابعة، وكانت بمهر فليست هي الواهبة نفسها للنبي بلا مهر، وأظنه متزلفا به إلى أمراء بني العباس بأن خالتهم هي الواهبة نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله)!
والآية التالية قوله سبحانه: * (ترجي من تشاء منهن...) * في التبيان ٨: ٣٥٤ ومجمع البيان ٩: ٥٧٤ وذكروا فيمن أرجأ منهن: جويرية ثم صفية ثم أم حبيبة ثم ميمونة، وهي الآنفة الذكر، وهذا يقتضي إرجاء الخبر إلى هناك، ولا سيما وقد ربط الطبرسي بين هذه الآية وآيتي التخيير ٢٨ و ٢٩ من السورة وذكر هذه الثلاث فيمن خيرهن ٩: ٥٥٤ وقبله الطوسي في التبيان ٨: ٣٣٥، ٣٣٦.
ونقل الطبرسي في الآية التالية ٥٢ في قوله - سبحانه -: * (... ولو أعجبك حسنهن...) * قال: قيل: إن التي أعجبه حسنها أسماء بنت عميس بعد قتل جعفر بن أبي طالب عنها - مجمع البيان ٩: ٥٧٥. فهذا يقتضي تأخير الآية أو الآيات إلى ما بعد غزوة موتة في التاسعة. ولا أقل من تأخير أخبار هذه الآيات ولا سيما آية التخيير إلى ما بعد حرب خيبر، كما في تفسير القمي ٢: ١٩٢، فإلى هناك.
(٥٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 ... » »»
الفهرست