التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٩٠
قوله تعالى:
وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم (103) آية.
روي عن ابن عباس أنه قال: نزلت هذه الآية في عشرة أنفس تخلفوا عن غزوة تبوك فيهم أبو لبابة، فربط سبعة منهم أنفسهم إلى سواري المسجد إلى أن قبلت توبتهم. وقيل: كانوا سبعة منهم أبو لبابة. وقال أبو جعفر عليه السلام: نزلت في أبي لبابة. ولم يذكر غيره، وكان سبب نزولها فيه ما جرى منه في غزوة بني قريظة وبه قال مجاهد. وقال الزهري: نزلت في أبي لبابة خاصة حين تأخر عن تبوك.
وأكثر المفسرين ذكروا أن أبا لبابة كان من جملة المتأخرين عن تبوك. وروي عن ابن عباس أنها نزلت في قوم من الاعراب. وقيل: نزلت في خمسة عشر نفسا ممن تأخر عن تبوك.
هذه الآية عطف على قوله " ومن أهل المدينة " أي ومنهم " آخرون " اعترفوا بذنوبهم " أي أقروا بها مع معرفتهم بها فان الاعتراف هو الاقرار بالشئ عن معرفة. والاقرار مشتق من قر الشئ إذا ثبت. والاعتراف من المعرفة. وقوله " خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " معناه انهم يفعلون أفعالا جميلة، ويفعلون أفعالا سيئة قبيحة، فيجتمعان، وذلك يدل على بطلان القول بالاحباط، لأنه لو كان صحيحا لكان أحدهما إذا طرا على الاخر أحبطه، فلا يجتمعان، فكيف يكون خلطا.
وقوله " عسى الله ان يتوب عليهم " قال الحسن وكثير من المفسرين: إن (عسى) من الله واجبة. وقال قوم: إنما قال (عسى) حتى يكونوا على طمع واشفاق فيكون ذلك أبعد من الاتكال على العفو واهمال التوبة، والتقدير في قوله " خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " اي بآخر سئ ومثله قولك: خلطت الماء واللبن
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست