فقام رسول الله وكبر، وكبر أصحابه، وقال لأمير المؤمنين: تقدم إلى بني النضير.
فأخذ أمير المؤمنين الراية وتقدم، وجاء رسول الله وأحاط بحصنهم وأمر بقطع نخلهم، فجزعوا من ذلك وقالوا: يا محمدا أيأمرك الله بالفساد؟ إن كان هذا لك فخذه وإن كان لنا فلا تقطعه (1).
وقال المفيد في " الإرشاد ": وضرب رسول الله قبته في أقصى بني خطمة من البطحاء (2) فلما جن الليل رماه رجل من بني النضير بسهم! فأصاب القبة! فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن تحول قبته إلى السفح، وأحاط به المهاجرون والأنصار.
فلما اختلط الظلام فقدوا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال الناس: يا رسول الله لا نرى عليا؟! فقال: أراه في بعض ما يصلح شأنكم. فلم يلبث أن جاء برأس اليهودي الذي رمى النبي، وكان يقال له: عزورا (أو عازورا (3) = عزرا) فطرحه بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله).
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): كيف صنعت يا أبا الحسن؟ قال (عليه السلام):
إني رأيت هذا الخبيث جريئا شجاعا، فقلت: ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الليل يطلب منا غرة! فكمنت له، فأقبل مصلتا بسيفه في تسعة نفر من اليهود، فشددت عليه وقتلته، وأفلت أصحابه ولم يبرحوا قريبا، فابعث معي نفرا فإني أرجو أن أظفر بهم.
فبعث رسول الله معه عشرة فيهم أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، فأدركوهم قبل أن يلجوا الحصن فقتلوهم وجاؤوا برؤوسهم إلى