موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ٢٨١
فقال لهم عبد الله: اتقوا الله، فان رسول الله قد تقدم إلينا أن لا نبرح!
فلم يقبلوا منه وأقبل ينسل رجل فرجل حتى أخلوا مركزهم، وبقي عبد الله ابن جبير في اثني عشر رجلا (1).

(١) تفسير القمي ١: ١١٢ وقال الواقدي كان ضرار بن الخطاب الفهري يحدث عن وقعة أحد يقول: لما التقينا ما أقمنا لهم شيئا حتى هزمونا فانكشفنا مولين، فقلت في نفسي: هذه أشد من وقعة بدر وجعلت أقول لخالد بن الوليد: كر على القوم! فجعل يقول: وترى وجها نكر فيه؟ حتى نظرت إلى الجبل - الذي عليه الرماة - خاليا، فقلت: أبا سليمان، انظر وراءك!
فعطف عنان فرسه، فكر وكررنا معه، فانتهينا إلى الجبل فلم نجد عليه أحدا له بال، وجدنا نفيرا فأصبناهم، ثم دخلنا العسكر والقوم غارون ينتهبون العسكر فأقحمنا الخيل عليهم فتطايروا في كل وجه ووضعنا السيوف فيهم حيث شئنا 1: 283.
وقال الواقدي: وقد روى كثير من الصحابة ممن شهد أحدا، قال كل واحد منهم: والله اني لأنظر إلى هند وصواحبها منهزمات ما دون أخذهن شئ لمن أراد ذلك. وكلما كان خالد يأتي من قبل ميسرة النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - ليجوز حتى يأتي من قبل السفح كان يرده الرماة، وفعل ذلك مرارا وفعلوا.
وانهزم المشركون وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاؤوا حتى أبعدوهم عن معسكرهم وأخذوا ينتهبونه، فقال بعض الرماة لبعض: لم تقيمون ها هنا في غير شئ؟
قد هزم الله العدو، وهؤلاء إخوانكم ينتهبون عسكرهم، فأدخلوا عسكر المشركين فاغنموا مع إخوانكم! وأجابهم بعضهم: ألم تعلموا أن رسول الله قال لكم: احموا ظهورنا ولا تبرحوا من مكانكم، وان رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا؟! فقال الآخرون: لم يرد رسول الله هذا وقد أذل الله المشركين وهزمهم، فأدخلوا المعسكر فانتهبوا مع إخوانكم!
فلما اختلفوا خطبهم أميرهم عبد الله بن جبير وأمرهم بطاعة الله وطاعة رسوله وأن لا يخالفوا أمر رسول الله. فعصوه وانطلقوا حتى لم يبق منهم مع أميرهم عبد الله بن جبير إلا نفير ما يبلغون العشرة.
ثم روى عن نسطاس مولى صفوان بن أمية قال: دنا القوم بعضهم من بعض واقتتلوا ساعة، ثم إذا أصحابنا منهزمون، ودخل أصحاب محمد عسكرنا، فأحدقوا بنا وأسرونا وانتهبوا العسكر.. وضيعت الثغور التي كان بها الرماة وجاؤوا إلى النهب، فأنا أنظر إليهم متأبطين قسيهم وجعابهم كل رجل منهم في يديه أو في حضنه شئ قد أخذه 1: 231.
ثم روى عن رافع بن خديج قال: لما انصرف الرماة الا من بقي، نظر خالد بن الوليد إلى خلأ الجبل وقلة أهله، فكر بالخيل، وتبعه عكرمة في الخيل، فانطلقا إلى بقية الرماة فحملوا عليهم، فراموا القوم حتى أصيبوا، ورامي عبد الله بن جبير حتى فنيت نبله، ثم طاعن بالرمح حتى انكسر، ثم كسر جفن سيفه فقاتلهم حتى قتل (قتله عكرمة 1: 301، 302).
وكان أبو بردة بن نيار وجعال بن سراقة آخر من انصرف من الجبل بعد مقتل عبد الله ابن جبير 1: 232.
قال نسطاس: فدخلت خيلنا على قوم غارين آمنين، فوضعوا فيهم السيوف فقتلوا فيهم قتلا ذريعا، وتفرق المسلمون في كل وجه وتركوا ما انتهبوا وأخلوا العسكر، وخلوا أسرانا. واسترجعنا متاعنا وما فقدنا منه شيئا، حتى الذهب وجدناه في المعركة 1: 231.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست