جاءت وقد طمت الدنيا غياهبها * جهلا فجلى ظلام الجهل ثاقبها عجائب ضل عنها الدهر حاسبها * فما تعد ولا تحصى عجائبها ولا تسام على الاكثار بالسام نور من الله للتبيان أنزله * على نبي هدى بالحق أرسله ومذ تلا ما تلا منها ورتله * قرت بها عين قاريها فقلت له لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم كم أيقظت لو دعت لما رعت يقظا * واستحفظت لو أصابت من لها حفظا فكن بوعظ بها ان تتل متعظا * ان تتلها خيفة من حر نار لظى أطفأت حر لظى من وردها الشبم قد فاز ذو مطلب منها بمطلبه * واطلعت بدره من بعد مغربه كم أزهرت وجه عاص بعد غيهبه * كأنها الحوض تبيض الوجوه به من العصاة وقد جاؤوه كالحمم جاءت نجوما لتاليها منزلة * مبينات لواعيها مفصلة كالشمس نورا وكالعيوق منزلة * وكالصراط وكالميزان معدلة فالسقط من غيرها في الناس لم يقم تطلعت ولا حسود الغمر يسترها * بغيا وقد شعشع الأكوان نيرها فما عليك إذا ما ضل منكرها * لا تعجبن لحسود راح ينكرها تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم ان أنكر الصبح ذو حيف وذو أود * فالصبح لم يخف في حال على أحد قد ينكر الفضل اهل الجهل من جسد * قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم يا خير من امل الراجي سماحته * ومن لجدواه مد الغيث راحته يا من به يجد المكروب راحته * يا خير من يمم العافون ساحته سعيا وفوق متون الأينق الرسم يا من هو النصر في الدنيا لمنتصر * ومن هو الذخر في الأخرى لمدخر يا من هو الحجة العليا لمزدجر * ومن هو الآية الكبرى لمعتبر ومن هو النعمة العظمى لمغتنم ملأت من سيب ما أوعيت من كرم * شعاب مكة من فرع إلى قدم ومذ دعيت لمرقى اي محترم * سريت من حرم ليلا إلى حرم كما سرى البدر في داج من الظلم هوت لاسرائك الأملاك منزلة * واستقبلتك رياح اللطف مقبلة ولم تزل لك نحو القدس موصلة * وبت ترقى إلى أن نلت منزلة من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم في ليلة بك جلت جنح غيهبها * إذ نبت عن بدرها فيها وكوكبها خرت لعلياك من علوي مرقبها * وقدمتك جميع الأنبياء بها والرسل تقديم مخدوم على خدم تقربوا بك زلفى في تقربهم * بخدمة لك أدنتهم لمطلبهم قد كنت إذا وكبوا بدرا لموكبهم * وأنت تخترق السبع الطباق بهم في موكب كنت فيه صاحب العلم ما زلت من أفق ترقى إلى أفق * مجاوزا طبقا للقرب عن طبق شأوت كل أخي سبق بمستبق * حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق من الدنو ولا مرقى لمستنم نبهت للقرب والغمر الحسود وقذ * وقد وفيت بميعاد عليك اخذ ومذ رفعت ومن لم يدن منك نبذ * خفضت كل مقام بالإضافة إذ نوديت بالرفع مثل المفرد العلم أدركت من خطر لولاك ذا خطر * ما ليس يدرك في سمع ولا بصر خصصت بالقرب من باد ومحتضر * كيما تفوز بوصل اي مستتر عن العيون وسر اي مكتتم كم جزت في صهوات المجد من حبك * وكم سموت لنيل القرب من فلك وكم تجاوزت دون الرسل من ملك * فحزت كل فخار غير مشترك وجزت كل مقام غير مزدحم كم قد خرقت لما وليت من حجب * وكم رأيت لما أوليت من عجب فجل نعتك عن نظم وعن خطب * وجل مقدار ما وليت من رتب وعز ادراك ما أوليت من نعم مولى به الله رب الفضل فضلنا * وبالعناية دون الناس خولنا فليهننا ما من البشرى تجللنا * بشرى لنا معشر الاسلام ان لنا من العناية ركنا غير منهدم فدع لساني يجري في براعته * بمدح من كل عاص في شفاعته أكرم بداع كرمنا في اطاعته * لما دعى الله داعينا لطاعته بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم مولى به الله أضفانا بنعمته * واختصنا واصطفانا اهل ملته دعا فمذ بلغت انباء دعوته * راعت قلوب العدى انباء بعثته كنباة أجفلت غفلا من الغنم كم قد سطا بهم في كل مشتك * للسمر مضطرب الارجاء مرتبك انى يفرون خوفا من سطا ملك * ما زال يلقاهم في كل معترك حتى حكوا بالقنا لحما على وضم أبادهم فقضى بعض بمضربه * رعبا وشالت به عنقاء مغربه والبعض ضاق عليه وجه مهربه * ودوا الفرار فكادوا يغبطون به أشلاء شالت مع العقبان والرخم تفنى الدهور ويبلى الله جدتها * وتستمر ولا يدرون مدتها ومن حروب أذيق القوم شدتها * تمضي الليالي ولا يدرون عدتها ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم إباحة الدين إذ حادوا استباحتهم * بكل غرثان يستقري إجاحتهم ظمآن أوسع كي يروي جراحتهم * كأنما الدين ضيف حل ساحتهم بكل قرم إلى لحم العدى قرم كم قاد أرعن موار بجائحة * يعوم في عباب الآل طافحة يسطو بشوس مصاليت جحاجحة * يجر بحر خميس فوق سابحة يرمى بموج من الابطال ملتطم كم جر نحو العدى من فيلق لجب * ريبط جاش كموج البحر مضطرب
(٣٠٨)