كي لا تضل به لو ناسبت أمما * لو ناسيت قدره آياته عظما أحيى اسمه يدعى دارس الرسم وافى بأعجب برهان وأغربه * يرد في صدقه دعوى مكذبه ومذ دعانا إلى إفصاح مذهبه * لم يمتحنا بما تعيى العقول به حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم دنا فشط فأعيا كنهه البشرا * فما أحاط بمعناه امرؤ ودرى وكلما امتحنوا في ذاته نظرا * أعيا الورى فهم معناه فلست ترى للقرب والبعد فيه غير منفحم داني التواضع سامي المجد ذو حيد * فالنفس في صبب والمجد في صعد فأعجب لمقترب للعين مبتعد * كالشمس تظهر للعينين من بعد صغيرة وتكل الطرف من أمم قد هذب الله اعظاما خليقته * ولم ينبه لمعناه خليفته فكيف يبلغ ذو جهد طريقته * وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قوم نيام تسلوا عنه بالحلم كم قد تعمق في ادراكه نظر * وأعملت من ذوي فكر به فكر فما تجدد لا علم ولا خبر * فمبلغ العلم فيه أنه بشر وانه خير خلق الله كلهم كم جاءت الرسل الأولى لمطلبها * بحجة شعشعت أنوار مذهبها فكان من نوره إشراق كوكبها * وكل آي أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم هم النجوم بها تجلى غيابها * ما حجب الشمس عن عين مغاربها فلا يقاس بنور منه ثاقبها * فإنه شمس فضل هم كواكبها يظهرن أنوارها للناس في الظلم كم شق جيب الدجى من نوره فلق * وعبق الكون من أخلاقه عبق فالخلق والخلق كل فيه متسق * أكرم بخلق نبي زانه خلق بالحسن مشتمل بالبشر متسم خلق وخلق وكل اي مؤتلف * جود وبأس وكل غير مختلف أعظم بمولى بكل الفضل متصف * كالزهر في ترف والبدر في شرف والبحر في كرم والدهر في همم على أساريره سيما بسالته * تلوح كالبدر يزهو وسط هالته لم يبد الا وفروا من مهابته * كأنه وهو فرد في جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم كم بالمقال جلا للريب من سدف * وبابتسام محا لليل من سجف فاللفظ والثغر در اي مرتصف * كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف من معدني نطق منه ومبتسم فلذ بقبر به الرحمن أكرمه * ومثل تحريمه للبيت حرمه والثم ثرى رمسه ان نلت ملثمه * لا طيب يعدل تربا ضم أعظمه طوبى لمنتشق منه وملتثم قد شق ميلاده إصباح مفخره * عن واضح المجد سامي الجد أزهره ومذ ابان الهدى من حين مظهره * ابان مولده عن طيب عنصره يا طيب مبتدأ منه ومختتم يوم به نال اهل الحق امنهم * من خوفهم وأحق الله ظنهم يوم تبين فيه الروم وهنهم * يوم تفرس فيه الفرس انهم قد انذروا بحلول البأس والنقم كم ضاق فيهم من الأقطار متسع * فالكل منهم شبح مما عرا جزع فظل كسرى لديهم وهو منقطع * وبات إيوان كسرى وهو منصدع كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم كم قد هوت منه نحو الأرض من شرف * هوت بشامخ ما قد كان من شرف فالجو مضطرب الارجاء من دنف * والنار خامدة الأنفاس من أسف عليه والنهر ساهي العين من سدم لقد تمادت على الكفار حيرتها * إذ لم تفدها لغور الماء غيرتها قد غمها ان خبت عنها نويرتها * وساء ساوة ان غاضت بحيرتها ورد واردها بالغيظ حين ظمي فالنار والماء من خوف ومن وجل * قد حال عن طبعه كل إلى بدل فالنار في صرد والماء في غلل * كان بالنار ما بالماء من بلل حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم آيات حق لأهل الزيغ قامعة * منها بروق الهدى في الكون لامعة فالإنس تلهج والأملاك صادعة * والجن تهتف والأنوار ساطعة والحق يظهر من معنى ومن كلم كم بشروا لو يلقون الهدى بنعم * وانذروا لو يعوقون الردى بنقم لكنهم من عمى لجوا به وصمم * عموا وصموا فاعلان البشائر لم تسمع وبارقة الإنذار لم تشم ابدى لهم نبا الأصنام سادنهم * لما هوت فخوت منها مدائنهم ضاقت على القوم في رحب معاطنهم * من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم بان دينهم المعوج لم يقم كم كذبوا ما لديهم فيه من كتب * تعللا بأباطيل لهم كذب من بعد ما رأوا الآيات من كثب * وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب منقضة وفق ما في الأرض من صنم هوت رجوما فوجه الوحي مبتسم * عن أبلج منه شمل الدين منتظم فكل مسترق للسمع منقصم * حتى غدا عن طريق الحق منهزم من الشياطين يقفوا اثر منهزم رموا من النجم منقضا بترهة * قد أبطلت إذ أطلت كل ترهة فأجفلوا هربا في كل مهمهة * كأنهم هربا ابطال أبرهة أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي به ابن متى نجا من بعد ما التقما * وفي يديه الحصى تسبيحه علما لم يرم لكنما الله العظيم رمى * نبذا به بعد تسبيح ببطنهما نبذ المسبح من أحشاء ملتقم كم قد هدى أمة ظلت معاندة * وكلما قربت ولت مباعدة
(٣٠٦)