وخرج البخاري (1) ومسلم (2) هذا الحديث من حديث الأعمش. عن سعد ابن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية،
(١) (فتح الباري): ١٣ / ١٥٢ كتاب الأحكام باب (٤) السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية حديث رقم (٧١٤٥).
قوله السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية إنما قيده بالإمام وإن كان في أحاديث الباب الأمير ولم يكن إماما لأن محل الأمر بطاعة أن يكون مؤمرا من قبل الإمام.
قوله: " لو دخلوها ما خرجوا منها " قال الداودي: يريد تلك النار لأنهم يموتون بتحريقها فلا يموتون منها أحياء.
قال: وليس المراد بالنار نار جهنم ولا أنهم مخلدون فيها لأنه قد ثبت في حديث الشفاعة يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان " وأخرجه في كتاب المغازي باب (٦٠) سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزر المدلجي ويقال: إنها سرية الأنصاري حديث رقم (٤٣٤٠).
وأخرجه في كتاب (أخبار الآحاد) باب (١) ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاةوالصوم والفرائض والأحكام وقوله الله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة): ١٠٧.
ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى التوبة: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) فلو اقتتل رجلان دخلا في معنى الآية. وقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا).
وكيف بعث النبي صلى الله عليه وسلم أمراءه واحدا بعد واحد، فإن سها أحد منهم رد إلى السنة حديث رقم (٧٢٥٧).
وفي الحديث من الفوائد: أن الحكم حال الغضب ينفذ منه ما لا يخالف الشرع، وأن الغضب يغطي على ذوي العقول وفيه أن الإيمان ينجي من النار لقولهم إنما فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار " الفرار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرار إلى الله والفرار إلى الله يطلق على الإيمان.
قال الله تعالى: (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين) وفيه أن الأمر المطلق لا يعم الأحوال، لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يطيعوا الأمير فحملوا ذلك على عموم الأحوال حتى في حال الغضب في حال الأمر بالمعصية واستنبط منه الشيخ أبو محمد بن أبي حجرة أن الجمع من هذه الأمة لا يجتمعون على خطأ لانقسام السرية قسمين: منهم من هان عليه دخول النار فظنه طاعة، ومنهم من فهم حقيقة الأمر وأنه مقصور على ما ليس بمعصية فكان اختلافهم سببا لرحمة الجميع. قال: وفيه أن من كان صادق النية لا يقع إلا في خير، ولو قصد الشر فإن الله تعالى يصرفه عنه.
ولهذا قال بعض أهل المعرفة: من صدق مع الله وقاه الله ومن توكل على الله كفاه الله. (فتح الباري).
(2) (مسلم بشرح النووي): 12 / 470 كتاب الإمارة باب (8) وجوب طاعة الأمراء من غير معصية وتحريمها في المعصية حديث رقم (40) وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (صحيح مسلم).