قال: العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية: فالذي تركه سبحانه على رسله في الآخرين هو السلام عليهم المذكور.
وقد قال: جماعة من المفسرين منهم مجاهد وغيره (وتركنا عليهم في الآخرين) الثناء الحسن ولسان الصدق للأنبياء كلهم وهذا قول قتادة أيضا ولا ينبغي أن يحكى هذا قولين للمفسرين كما يفعله من له عناية بحكاية الأقوال بل هو قول واحد فمن قال: إن المتروك هو السلام في الآخرين نفسه فلا ريب أن قوله: (سلام على نوح) جملة في موضع نصب بتركنا والمعنى أن العامين يسلمون على نوح ومن بعده من الأنبياء ومن فسره بلسان الصدق والثناء الحسن نظر إلى لازم السلام وموجبه وهو الثناء عليهم وما جعل لهم من لسان الصدق الذي لأجله إذا ذكروا سلم عليهم انتهى.
فهذا كما ترى لم يصل الله على أحد في كتابه غير المصطفى صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم وملائكته وأمر المؤذنين جميعا بالصلاة عليه دون أنبيائه ورسله تشريفا له وتمييزا لعظيم مقامه. وقد أمرنا بالاتباع ونهينا عن الابتداع وهو مذهب ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنه.
خرج بقي بن مخلد بن حديث هشيم قال حدثنا عثمان بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما أعلم الصلاة تبتغي من أحد على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم يعني وسائر الناس يدعى لهم.
وخرجه القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتاب (فضل الصلاة على النبي) صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الرحمن بن زياد قال: حدثني عثمان بن حكيم بن عباد عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: لا تصح الصلاة على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار.
وقد حكي عن الإمام مالك في رواية أنه على غير نبينا صلى الله عليه وسلم وأوله بعض أصحابه بمعنى أنا لم نتقيد بالصلاة على غيره من الأنبياء كما تقيدنا بالصلاة عليه. وحكى النووي الإجماع على أن الصلاة على جميع الأنبياء مشروعة