وقال عامة أهل الأثر: أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة صلاة.
وقال القاضي عياض: إن تفضيل المدينة على مكة هو قول عمر بن الخطاب ومالك وأكثر المدنيين وذهب أهل مكة والكوفة إلى تفضيل مكة وهو قول عطاء وابن وهب وابن حيت من أصحاب مالك وحكاه الباجي عن الشافعي قال القاضي: ولا خلاف أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض قال أبو الوليد الباجي: الذي يقتضيه الحديث مخالف حكم مكة لسائر المساجد ولا يعلم منه حكمها مع المدينة وذهب الطحاوي إلى أن هذا التفضيل إنما هو تفضيل صلاة الفرض. وذهب مطرف من أصحابنا إلى أن ذلك في النافلة قال: وجمعته خير من جمعته ورمضانه خير من رمضانه.
واستدل المالكيون على تفضيل المدينة على مكة بقوله صلى الله عليه وسلم: إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها والنبي صلى الله عليه وسلم حرم المدينة كما حرم إبراهيم مكة وإني دعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة وليس فيه إلا أنه صلى الله عليه وسلم حرمها كما حرم إبراهيم مكة ودعا لها كما دعا غير إبراهيم لمكة وليس في ذلك ما يقتضي تفضيلها على مكة.
وقد حرم صلى الله عليه وسلم الدماء والأعراض والأموال فما دل ذلك على فضل واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا ومدنا اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه ويقول اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة وهذا أيضا إنما في الدعاء للمدينة بزيادة البركة وهي والله مباركة.
وقد دعا إبراهيم عليه السلام لمكة بما أخبر به الله تعالى إذ يقول:
(فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات) ولم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة بأن تهوي أفئدة الناس إليها أكثر من هويها إلى مكة لأن الحج إلى مكة لا إلى المدينة فصح أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة بمثل ما دعا إبراهيم