الشيب وكان قد زاد عمره على ستين سنة لأنه كان لما قتل والده صغيرا كما ذكرناه قبل ولما قتل دفن بالرقة.
وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته عظيم السياسة لا يقدر القوي على ظلم الضعيف وكانت البلاد قبل أن يملكها خرابا من الظلم وتنقل الولاة ومجاورة الفرنج فعمرها وامتلأت أهلا وسكانا.
حكى لي والدي قال رأيت الموصل وأكثرها خراب بحيث يقف الإنسان قريب محلة الطبالين ويرى الجامع العتيق والعرصة ودار السلطان وليس بين ذلك عمارة قط وكان الإنسان لا يقدر على المشي إلى الجامع العتيق إلا ومعه من يحميه لبعده عن العمارة وهو الآن في وسط العمارة وليس في هذه البقاع المذكورة كلها أرض مراح قال وحدثني أيضا أنه وصل إلى الجزيرة في الشتاء فدخل الأمير عز الدين الدبيسي وهو من أكابر أمرائه ومن جملة أقطاعه مدينة دقوقا ونزل في دار إنسان يهودي فاستغاث اليهودي إلى أتابك وأنهى حاله إليه فنظر إلى الدبيسي فتأخر ودخل البلد وأخرج بركه وخيامه قال فلقد رأيت غلمانه ينصبون خيامه في الوحل وقد جعلوا على الأرض تبنا يقيهم الطين وخرج فنزلها وكانت سياسته إلى هذا الحد.
وكانت الموصل من أقل بلاد الله فاكهة فصارت فلي أيامه وما بعدها من أكثر البلاد فواكه ورياحين وغير ذلك.
وكان أيضا شديد الغيرة ولا سيما على نساء الأجناد وكان يقول: إن