وسبب قتله أن الملك ألب أرسلان المعروف بالخفاجي ولد السلطان محمود كان عند أتابك الشهيد وكان يظهر للخلفاء والسلطان مسعود وأصحابه بالأطراف أن هذه البلاد لهذا الملك وأنا نائبه فيها وكان ينتظر وفاة السلطان مسعود ليخطب له بالسلطنة ويملك البلاد باسمه، وكان هذا الملك بالموصل هذه السنة ونصير الدين يقصده كل يوم ليقوم بخدمة إن عرضت له فحسن له بعض المفسدين طلب الملك وقال له إن قتلت نصير الدين ملكت الموصل وغيرها من البلاد ولا يبقى مع أتابك زنكي فارس واحد فوقع هذا منه موقعا حسنا وظنه صدقا فلما دخل نصير الدين إليه وثب عليه من عنده من أجناد أتابك ومماليكه فقتلوه والقوا برأسه إلى أصحابه ظنا منهم أن أصحابه يتفرقون ويخرج الملك ويملك البلد.
وكان الأمر خلاف ما ظنوه فإن أصحابه وأصحاب أتابك الذين في خدمته لما رأوا رأسه قاتلوا من بالدار مع الملك واجتمع معهم الخلق الكثير وكانت دولة أتابك مملوءة بالرجال والأجناد ذوي الرأي والتجربة ثم دخل إليه القاضي تاج الدين يحيى بن الشهرزوري ولم يزل به يخدعه وكان فيما قال له لما رآه منزعجا يا مولانا لم تحرد من هذا الكلب هذا وأستاذه مماليك والحمد لله الذي أراحنا منه ومن صاحبه على يدك وما الذي يقعدك في هذه الدار قم لتصعد القلعة وتأخذ الأموال والسلاح وتملك البلد وتجمع الجند وليس دون الموصل مانع.
فقام معه وأصعده القلعة فلما قاربها أراد من بها من النقيب والأجناد القتال فتقدم إليهم القاضي تاج الدين وقال لهم افتحوا الباب وتسلموه وافعلوا به ما أردتم ثم فتح الباب ودخل الملك والقاضي إليها ومعهما من أعان على قتل نصير الدين فسجنوا ونزل القاضي.