عليه من الأكراد والهكارية كثير وبقي هناك إلى أن رحل صلاح الدين عن الموصل.
وكان عامة الموصل يعبرون دجلة فيقاتلون من الجانب الشرقي من العسكر ويعودون ولما كان صلاح الدين يحاصر الموصل بلغ أتابك عز الدين صاحبها أن نائبه بالقلعة يكاتبه فمنعه من الصعود إلى القلعة وعاد يقتدي برأي مجاهد الدين وكان قد أخرجه كما ذكرناه ويصدر عن رأيه وضبط الأمور وأصلح ما كان فسد من الأحوال حتى آل الأمر إلى الصلح على ما نذكره إن شاء الله.
وحضر عند صلاح الدين إنسان بغدادي أقام بالموصل ثم خرج إلى صلاح الدين فأشار عليه بقطع دجلة عن الموصل إلى ناحية نينوى وقال إن دجلة إذا نقلت عن الموصل عطش أهلها فملكناها بغير قتال فظن صلاح الدين ان قوله صدق فعزم على ذلك حتى علم أنه لا يمكن قطعه بالكلية فإن المدة تطول والتعب يكثر ولا فائدة وراءه وقبحه عنده أصحابه فأعرض عنه.
وأقام بمكانه من أول ربيع الآخرة إلى أن قارب آخره ثم رحل عنها إلى ميافارقين. وكان سبب ذلك أن شاه أرمن صاحب خلاط توفي بها تاسع ربيع الآخر فوصل الخبر بوفاته في العشرين منه فعزم على الرحيل إليها وتملكها حيث إن شاء أرمن لم يخلف ولدا ولا أحدا من أهل بيته يملك بلاده بعده وإنما قد استولى عليها مملوك اسمه بكتمر ولقبه سيف