وله من الأقطاع حمص والرحبة فسار من عنده إلى حمص فاجتاز بحلب واحضر جماعة من الدمشقيين وواعدهم على تسليم البلد إليه إذا مات صلاح الدين وأقام بحمص ينتظر موته ليسير إلى دمشق فيملكها فعوفي وبلغه الخبر على جهته فلم يمض غير قليل حتى مات ابن شيركوه ليلة عيد الأضحى فإنه شرب الخمر وأكثر منه فأصبح ميتا فذكروا والعهدة عليهم أن صلاح الدين وضع إنسانا يقال له الناصح بن العميد وهو من دمشق فحضر عنده ونادمه وسقاه سما فلما أصبحوا من الغد لم يروا الناصح فسألوا عنه فقيل إنه سار من ليلته إلى صلاح الدين فكان هذا مما قوى الظن فلما توفي أعطى أقطاعه لولده شيركوه وعمره اثنتا عشرة سنة وخلف ناصر الدين من الأموال والخيل والآلات شيئا كثيرا فحضر صلاح الدين في حمص واستعرض تركته وأخذ أكثرها ولم يترك إلا ما لا خير فيه.
وبلغني أن شيركوه بن ناصر الدين حضر عند صلاح الدين بعد موت أبيه بسنة فقال له إلى أين بلغت من القرآن فقال إلى قوله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) فعجب صلاح الدين والحاضرون من ذكائه.