وبرقة وغيرها وقد كتب إليه برغبة في تلك [البلاد]، فتجهز للمسير إليه، واستصحب معه أنجاد العسكر وأكثر منهم.
فلما سمع ذلك صلاح الدين ساءه وعلم أنه إن أرسل إليه يمنعه لم يجبه فأرسل إليه يقول له أريد أن تحضر عندي لأودعك وأوصيك بما تفعله فلما حضر عنده منعه وزاد في أقطاعه فصار إقطاعه حماة ومنبج والمعرة وكفر طاب وميافارقين وجبل جور بجميع أعمالها وكان تقي الدين قد سير في مقدمته مملوكه بوزابة فاتصل بقراقوش وكان منهم ما ذكرناه سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
وقد بلغني من خبير بأحوال صلاح الدين أنه إنما حمله على أخذ حلب من العادل وإعادة تقي الدين إلى الشام أن صلاح الدين لما مرض بحران على ما ذكرناه أرجف بمصر أنه قد مات فجرى من تقي الدين حركات من يريد [أن] يستبد بالملك فلما عوفي صلاح الدين بلغه ذلك فأرسل الفقيه عيسى الهكاري وكان كبير القدر عنده مطاعا في الجند إلى مصر وأمره بإخراج تقي الدين والمقام بمصر فسار مجدا فلم يشعر تقي الدين إلا وقد دخل الفقيه عيسى إلى داره بالقاهرة وأرسل إليه يأمره الخروج منها فطلب أن يمهل إلى أن يتجهز فلم يفعل وقال تقيم خارج [المدينة] وتتجهز فخرج وأظهر أنه يريد الدخول إلى الغرب فقال له اذهب حيث شئت فلما سمع صلاح الدين الخبر أرسل إليه يطلبه فسار إلى الشام فأحسن إليه ولم يظهر له شيئا مما كان لأنه كان حليما كريما صبورا رحمه الله.
وأما أخذ حلب من العادل فإن السبب فيه أنه كان من جملة جندها أمير كبير اسمه سليمان بن جندر بينه وبين صلاح الدين صحبة قديمة قبل الملك وكان صلاح الدين يعتمد عليه وكان عاقلا ذا مكر ودهاء فاتفق أن الملك العادل لما كان بحلب لم يفعل معه ما كان يظنه وقدم غيره عليه،