الأمير طمان الياروقي وكان يميل إلى صلاح الدين أنه يسلم حلب ويأخذ عوضها سنجار ونصيبين والخابور والرقة وسروج وجرت اليمين على ذلك وباعها بأوكس الأثمان اعطى حصنا مثل حلب وأخذ عوضها قرى ومزارع فنزل عنها ثامن عشر صفر وتسلمها صلاح الدين فعجب الناس كلهم من ذلك وقبحوا ما أتى حتى إن بعض عامة حلب أحضر إجانة وماء وناداه أنت لا يصلح لك الملك وإنما يصلح لك ان تغسل الثياب وأسمعوه المكروه.
واستقر ملك صلاح الدين بملكها وكان مزلزلا فثبت قدمه بتسليمها وكان على شفا جرف هار وإذا أراد الله أمرا فلا مرد له.
وسار عماد الدين إلى البلاد التي أعطيها فتسلمها وأخذ صلاح الدين حلب واستقر بينهما أن عماد الدين يحضر في خدمة صلاح الدين بنفسه وعسكره إذ استدعاه لا يحتج بحجة ومن الاتفاقات العجيبة أن محيي الدين بن الزكي قاضي دمشق مدح صلاح الدين بقصيدة منها:
(وفتحكم حلبا بالسيف في صفر * مبشر بفتوح القدس في رجب) فوافق فتح القدس في رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ومما كتبه القاضي الفاضل في المعنى عن صلاح الدين فأعطيناه عن حلب كذا وكذا وهو صرف على الحقيقة أعطيناه الدراهم ونزلنا عن القرى وأحرزنا العواصم.