فلما أراد القبض عليه لم يقدم على ذلك لقوة مجاهد الدين فأظهر أنه مريض وانقطع عن الركوب عدة أيام فدخل إليه مجاهد الدين وحده وكان خصيا لا يمتنع من الدخول على النساء فلما دخل عليه قبض عليه وركب لوقته إلى القلعة فاحتوى على الأموال التي لمجاهد الدين وخزائنه وولى زلفندار قلعة الموصل بعد مجاهد الدين وجعل ابن صاحب الغراف أمير حاجب وحكمهما في دولته.
وكان تحت حكم مجاهد الدين حينئذ إربل وأعمالها ومعه فيها زين الدين علي وهو صبي صغير ليس له من الحكم شيء والحكم والعسكر إلى مجاهد الدين وتحت حكمه أيضا جزيرة ابن عمر وهي لمعز الدين سنجر شاه بن سيف الدين غازي بن مودود وهو أيضا صبي والحكم والنواب والعسكر لمجاهد الدين وبيده أيضا شهرزور وأعمالها ونوابه فيها ودقوقا ونائبه فيها وقلعة عقر الحميدية ونائبه فيها ولم يبق لعز الدين مسعود بعد أن أخذ صلاح الدين [البلاد] الجزرية سوى الموصل وقلعتها بيد مجاهد الدين وهو على الحقيقة الملك واسمه عز الدين فلما قبض عليه امتنع صاحب إربل من طاعة عز الدين واستبد وكذلك أيضا صاحب جزيرة ابن عمر وأرسل الخليفة إلى دقوقا فحضرها وأخذها ولم يحصل لعز الدين مسعود غير شهرزور والعقر وصارت إربل والجزيرة أضر شيء على صاحب الموصل وأرسل صاحبها إلى صلاح الدين بالطاعة له والكون في خدمته.
وكان الخليفة الناصر لدين الله قد أرسل صدر الدين شيخ الشيوخ ومعه بشير الخادم الخاص إلى صلاح الدين في الصلح مع عز الدين صاحب الموصل وسير عز الدين معه القاضي محيي الدين أبا حامد بن الشهرزوري في المعنى فأجاب صلاح الدين إلى ذلك وقال ليس لكم مع الجزيرة وإربل حديث؛