من مشاهير فرسانهم وطواغيتهم، فأما ابن بيرزان فإنه فدى نفسه بمائة ألف وخمسين ألف دينار صورية وإطلاق ألف أسير من المسلمين وكان أكثر العمل في هذا اليوم لعز الدين فرخشاه ابن أخي صلاح الدين وحكى عنه قال ذكرت في تلك الحال بيتي المتنبي وهما:
(فإن تكن الدولات قسما فإنها * لمن يرد الموت الزؤام تؤول) (ومن هون الدنيا على النفس ساعة * وللبيض في هام الكماة صليل) فهان الموت في عيني فألقيت نفسي إليه وكان ذلك سبب الظفر ثم عاد صلاح الدين إلى بانياس من موضع المعركة وتجهز للدخول إلى ذلك الحصن ومحاصرته فسار اليه في ربيع الأول وأحاط به وقوى طمعه بالهزيمة المذكورة في فتحه وبث العساكر في بلد الفرنج للإغارة ففعلوا ذلك وجمعوا من الأخشاب والزرجون شيئا كثيرا ليجعله متارس للمجانيق فقال له جاولي الأسدي وهو مقدم الأسدية ومن أكابر الأمر الرأي أننا نجربهم بالزحف أول مرة ونذوق قتال من به وننظر الحال معهم فإن استضعفناهم وإلا فنصب المناجيق ما يفوت.
فقبل رأيه وأمر فنودي بالزحف إليه والجد في قتاله فزحفوا واشتد القتال وعظم الأمر فصعد إنسان من العامة بقميص خلق في باشورة الحصن وقاتل على السور لما علاه وتبعه غيره من أضرابه ولحق بهم الجند فملكوا الباشورة فصعد الفرنج حينئذ منها لإلى أسوار الحصن ليحموا نفوسهم وحصنهم إلى أن يأتيهم المدد.