وكان الفرنج قد جمعوا بطبرية فألح المسلمون في قتال الحصن خوفا من وصول الفرنج إليهم وإزاحتهم عنه وأدركهم الليل فأمر صلاح الدين بالمبيت بالباشورة النيران فيه وانتظروا سقوط السور فلم يسقط لعرضه فإنه كان تسعة أذرع بالنجاري يكون الذراع ذراعا ونصفا فانتظروه يومين فلم يسقط فأمر صلاح الدين بإطفاء النار التي في النقب فحمل الماء وألقى عليها فطفئت وعاد النقابون فنقبوا وخرقوا السور وألقوا فيه النار فسقط يوم الخميس لست بقين من ربيع الأول ودخل المسلمون الحصن عنوة وأسروا كل من فيه وأطلقوا من كان به من أسارى المسلمين وقتل صلاح الدين كثيرا من أسرى الفرنج وأدخل الباقين إلى دمشق فسجنوا وأقام صلاح الدين بمكانه حتى هدم الحصن وعفى أثره وألحقه بالأرض وكان قد بذل للفرنج ستين ألف دينار مصرية ليهدموه بغير قتل فلم يفعلوا ظنا منهم أنه إذا بقي بناؤه تمكنوا به من كثير من بلاد الإسلام وأما الفرنج فاجتمعوا بطبرية ليحموا الحصن فلما أتاهم الخبر بأخذه فت في أعضادهم فتفرقوا إلى بلادهم وأكثر الشعراء فيه فمن ذلك قول صديقنا النشو بن نفاذة رحمه الله:
(هلاك الفرنج أتى عاجلا * وقد آن تكسير صلبانها) (ولو لم يكن قد دنا حتفها * لما عمرت بيت أحزانها) وقول علي بن محمد الساعاتي الدمشقي: