فحصره صلاح الدين وضيق عليه وزحف إلى القلعة فوصل النقابون إلى السور فنقبوها وملكوها عنوة وغنم العسكر الصلاحي كل ما فيها وأخذ صاحبها أسيرا فأخذ صلاح الدين كل ماله وأصبح فقيرا لا يملك نقيرا ثم أطلقه صلاح الدين فسار إلى الموصل فأقطعه سيف الدين غازي مدينة الرقة.
ولما فرغ صلاح [الدين] من منبج سار إلى القلعة إعزاز فنازلها ثالث ذي القعدة من السنة وهي من أحصن القلاع وأمنعها فنازلها وحصرها وأحاط بها وضيق على من فيها ونصب عليها المنجنيقات وقتل عليها كثير من العسكر، فبينما صلاح الدين يوما في خيمة لبعض أمرائه يقال له جاولي وهو مقدم الطائفة الأسدية إذ وثبت عليه باطني فضر به بسكين في رأسه فجرحه فلولا أن المغفر الزرد تحت القلنسوة لقتله فأمسك صلاح الدين يد الباطني بيده إلا أنه لا يقدر على منعه من الضرب بالكلية إنما يضرب ضربا ضعيفا فبقي الباطني يضربه في رقبته بالسكين وكان عليه كزاغند فكانت الضربات تقع في زيق الكزاغند فتقطعه والزرد تمنعها من الوصول إلى رقبته لبعد أجله فجاء أمير من أمرائه اسمه يازكش فأمسك السكين بكفه فجرحه الباطني ولم يطلقها من يده إلى أن قتل الباطني وجاء آخر من الإسماعيلية فقتل أيضا وثالث فقتل وركب صلاح الدين إلى خيمته كالمذعور لا يصدق بنجاته ثم اعتبر جنده فمن أنكره أبعده ومن عرفه أقره على خدمته ولازم حصار إعزاز ثمانية وثلاثين يوما كل يوم أشد قتالا مما قبله وكثرت النقوب فيها فأذعن من بها وسلموا القلعة إليه فتسلمها حادي عشر ذي الحجة.