وفيها في ربيع الأخر استوزر سيف الدين غازي صاحب الموصل جلال الدين أبا الحسن بن جمال الدين محمد بن علي وكان جمال الدين وزير البيت الأتابكي وقد تقدمت أخباره وهو المشهور بالجود والإفضال ولما ولى جلال الدين الوزارة ظهرت منه كفاية عظيمة ومعرفة تامة بقوانين الوزارة وله مكاتبات وعهود حسنة مدونة مشهورة وكان جوادا فاضلا خيرا وكان عمره لما ولى الوزارة خمسا وعشرين سنة.
وفيها في ذي الحجة استناب سيف الدين أيضا عنه بقلعة الموصل مجاهد الدين قايماز وفوض إليه الأمور وكان قبل ذلك [فوض] إليه الأمر بمدينة إربل وأعمالها وكان رحمه الله من صالحي الأمراء وأرباب المعروف بنى كثيرا من الجوامع والخانات في الطرق والقناطر على الأنهار والربط وغير ذلك من أبواب البر وكان دائم الصدقة كثير الإحسان عادل السيرة رحمه الله.
وفيها قبض الخليفة على سنجر المقتفوي أستاذ الدار ورتب مكانه أبا الفضل هبة الله بن علي بن هبة الله بن الصاحب.
وفيها في رمضان قدم شمس الدولة تورانشاه بن أيوب الذي ملك اليمن إلى دمشق ولما سمع أن أخاه صلاح الدين ملكها حن إلى الوطن والأتراب ففارق اليمن وسار إلى الشام وأرسل من الطريق إلى أخيه صلاح الدين يعلمه بوصوله وكتب في الكتاب شعرا من قول ابن المنجم المصري:
(وإلى صلاح الدين أشكوا أنني * من بعده مضني الجوامح مولع) (جزعا لبعد الدار منه ولم أكن * لولا هواه لبعد دار أجزع) (فلأركبن إليه متن عزائمي * ويخب بي ركب الغرام ويوسع)