المقدمين في هذه الحادثة منهم عمارة وعبد الصمد الكاتب والعويرس وغيرهم وصلبهم.
وقيل في كشف أمرهم أن عبد الصمد المذكور كان إذا لقي القاضي الفاضل الصلاحي يخدمه ويتقرب إليه بجهده وطاقته فلقيه يوما فلم يلتفت إليه فقال القاضي الفاضل ما هذا إلا لسبب وخاف أن يكون قد صار له باطن مع صلاح الدين فأحضر علي بن نجا الواعظ وأخبره الحال وقال أريد تكشف لي الأمر فسعى في كشفه فلم ير له من جانب صلاح الدين شيئا فعدل إلى الجانب الأخر فكشف الحال وحضر عند القاضي الفاضل وأعلمه فقال تحضر الساعة عند صلاح الدين وتنهي الحال إليه فحضر عند صلاح الدين وهو في الجامع فذكر له الحال فقام وأخذ الجماعة وقررهم فأقروا فأمر بصلبهم.
وكان عمارة بينه وبين الفاضل عداوة من أيام العاضد وقبلها فلما أراد صلبه قام القاضي الفاضل وخاطب صلاح الدين في إطلاقه وظن عمارة أنه يحرض على هلاكه فقال صلاح الدين يا مولانا لا تسمع منه في حقي فغضب الفاضل وخرج وقال صلاح الدين لعمارة إنه كان يشفع فيك فندم ثم أخرج عمارة ليصلب فطلب أن يمر به على مجلس الفاضل فاجتازوا به عليه فأغلق بابه ولم يجتمع به فقال عمارة:
(عبد الرحيم قد احتجب * إن الخلاص هو العجب) ثم صلب هو والجماعة ونودي في أجناد المصريين بالرحيل من ديار مصر ومفارقتها إلى أقاصي الصعيد واحتيط على من بالقصر من سلالة العاضد وغيره من أهله.