أدبارهم، وقصدوا نيسابور وتبعهم الغز فمروا بطوس وهي معدن العلماء والزهاد فنهبوها وسبوا نساءها وقتلوا رجالها وخربوا مساجدها ومساكن أهلها ولم يسلم من جميع ولاية طوس إلا البلد الذي فيه مشهد علي بن موسى الرضا ومواضع أخر يسيرة لها أسوار.
وممن قتل من أعيان أهلها إمامها محمد المارشكي ونقيب العلويين بها علي الموسوي وخطيبها إسماعيل بن المحسن وشيخ شيوخها محمد بن محمد وأفنوا من بها من الشيوخ الصالحين وساروا منها إلى نيسابور فوصلوا إليها في شوال سنة تسع وأربعين [خمسمائة]، ولم يجدوا دونها مانعا ولا مدافعا فنهبوها نهبا ذريعا وقتلوا أهلها فأكثروا حتى ظنوا أنهم لم يبقوا بها أحد حتى أنه أحصي في محلتين خمسة عشر ألف قتيل من الرجال دون النساء والصبيان وسبوا نساءها وأطفالها وأخذوا أموالها وبقي القتلى في الدروب كالتلال بعضهم فوق بعض واجتمع أكثر أهلها بالجامع المنيعي تحصنوا به فحصرهم الغز فعجز أهل نيسابور من منعهم فدخل الغز إليهم فقتلوهم عن آخرهم وكانوا يطلبون من الرجال المال فإذا أعطاهم أحد قتلوه وقتلوا كثيرا من أئمة العلماء والصالحين منهم محمد بن يحيى الفقيه الشافعي الذي لم يكن في زمانه مثله كان رحلة الناس من أقصى الغرب والشرق إليه ورثاه جماعة من العلماء منهم أبو الحسن علي بن أبي القاسم البيهقي فقال:
(يا سافكا دم عالم متبحر * قد طار في أقصى الممالك صيته) (بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف * من كان محيي الدين كيف تميته) منهم الزاهد عبد الرحمن بن عبد الصمد الأكاف وأحمد بن الحسين