مصر، فدخل إليه مؤيد الدولة بن منقذ وهو عند أبيه عباس قال له نصر قد أقطعني مولانا قرية قليوب فقال له مؤيد الدولة ما هي في مهرك بكثير؛ فعظم عليه وعلى أبيه وأنف من هذه الحال وشرع في قتل الظافر فأمر ابنه فحضر نصر عند الظافر وقال له أشتهي أن تجيء إلى داري لدعوة صنعتها ولا تكثر من الجمع فمشى معه في نفر يسير من الخدم ليلا فلما دخل الدار قتله ومن معه وأفلت خادم صغير اختبأ فلم يروه ودفن القتلى في داره.
وأخبر أباه عباسا الخبر فبكر إلى القصر وطلب من الخدم الخصيصين بخدمة الظافر أن يطلبوا له إذنا في الدخول عليه لأمر يريد أن يأخذ رأيه فيه فقالوا إنه ليس في القصر فقال لا بد منه وكان غرضه أن ينفي التهمة عنه بقتله وأن يقتل كل من بالقصر ممن يخاف أن ينازعه فيمن يقيمه في الخلافة فلما ألح عليهم عجزوا عن إحضاره.
فبينما هم يطلبونه حائرين دهشين لا يدرون ما الخبر إذ وصل إليهم الخادم الصغير الذي شاهد قتله وقد هرب من دار عباس عند غفلتهم عنه وأخبرهم بقتل الظافر فخرجوا إلى عباس وقالوا له سل ولدك عنه فإنه يعرف أين هو لأنهما خرجا جميعا فلما سمع ذلك منهم قال أريد أن اعترض القصر لئلا يكون قد اغتاله أحد من أهله فاستعرض القصر فقتل أخوين للظافر وهما يوسف وجبريل وأجلس الفائز بنصر الله أبا القاسم عيسى بن الظافر بأمر الله إسماعيل ثاني يوم قتل أبوه وله من العمر خمس سنين فحمله عباس على كتفه وأجلسه على سرير الملك وبايع له الناس وأخذ عباس من القصر من الأموال والجواهر والأعلاق النفيسة ما أراد ولم يترك فيه إلا ما لا خير فيه.