صفصفا، وقتلوا الكبار والصغار وأحرقوا وقتلوا القضاة والعلماء في البلاد كلها فممن قتل الحسين بن محمد الأرسابندي والقاضي علي بن مسعود والشيخ محيي الدين محمد بن يحيى وأكثر الشعراء في مرائي محمد بن يحيى فممن قال فيه علي ابن إبراهيم الكاتب:
(مضى الذي كان يجني الدر من فيه * يسيل بالفضل والإفضال واديه) (مضى ابن يحيى الذي قد كان صوب حيا * لا بر شهر ومصباحا لداجيه) (خلا خراسان من علم ومن ورع * لما نعاه إلى الآفاق ناعيه) (لما أماتوه مات الدين وا أسفا * من ذا الذي بعد محيي الدين يحييه) ويتعذر وصف ما جرى منهم بتلك البلاد جميعا ولم يسلم من خراسان شيء لم تنهبه الغز غير هراة ودهستان لأنها كانت حصينة فامتنعت.
وقد ذكر بعض مؤرخي خراسان من أخبارهم ما فيه زيادة وضوح وقال إن هؤلاء الغز قوم انتقلوا من نواحي الثغر من أقاصي الترك إلى ما وراء النهر في أيام المهدي وأسلموا واستنصر بهم المقنع صاحب المخاريق الشعبذة حتى تم أمره فلما سارت العساكر إليه خذله هؤلاء الغز وأسلموه وهذه عادتهم في كل دولة كانوا فيها وفعلوا مثل ذلك مع الملوك الخاقانية إلا أن الأتراك القارغلية قمعوهم وطردوهم من أوطانهم فدعاهم الأمير زنكي بن خليفة الشيباني المستولي على حدود طخارستان إليه وأنزلهم بلاده وكانت بينه وبين الأمير قماج عداوة أحكمتها الأيام للمجاورة التي بينهما وكل منهما يريد أن يعلو على الآخر ويحكم عليه،