ابن حسن وغيرهم يحثهم على لقاء عبد المؤمن ويعرض عليهم أن يرسل إليهم خمسة آلاف فارس من الفرنج يقاتلون معهم على شرط أن يرسلوا إليه الرهائن فشكروه وقالوا ما بنا حاجة إلى نجدته ولا نستعين بغير المسلمين.
وساروا في عدد لا يحصى وكان عبد المؤمن قد رحل من بجاية إلى بلاد المغرب فلما بلغه خبرهم جهز من الموحدين ما يزيد على ثلاثين ألف فارس واستعمل عليهم عبد الله بن عمر الهنتاتي وسعد الله بن يحيى وكان العرب أضعافهم فاستجرهم الموحدون وتبعهم العرب إلى أن وصلوا إلى أرض سطيف بين جبال فحمل عليهم عسكر عبد المؤمن والعرب على غير أهبة التقى الجمعان.
وترك العرب جميع ما لهم من أهل ومال وأثاث ونعم فأخذ الموحدون جميع ذلك وعاد الجيش إلى عبد المؤمن بجميعه فقسم جميع الأموال على عسكره وترك النساء والأولاد تحت الاحتياط ووكل بهم من الخدم الخصيان من يخدمهم ويقوم بحوائجهم وأمر بصيانتهم فلما وصلوا معه إلى مراكش أنزلهم في المساكن الفسيحة وأجرى لهم النفقات الواسعة وأمر عبد المؤمن ابنه محمدا أن يكاتب أمراء العرب ويعلمهم أن نساءهم وأولادهم تحت الحفظ والصيانة وأنه قد بذل لهم الأمان والكرامة.
فلما وصل كتاب محمد إلى العرب سارعوا إلى المسير إلى مراكش فلما وصلوا إليها أعطاهم عبد المؤمن نساءهم وأولادهم وأحسن إليهم وأعطاهم أموالا جزيلة فاسترق قلوبهم بذلك وأقاموا عنده وكان بهم حفيا واستعان بهم على ولاية ابنه محمد للعهد على ما نذكره سنة إحدى وخمسين [خمسمائة].