الحسن فيمن يصلح للخلافة، وكان عادته أن يسايره إذا ركب إلى دار الخلافة وأخذ من هؤلاء الأربعة الذين يتولون الدواوين وهم أبو عبد الله بن محمد بن الجراح وأبو الحسن محمد بن عبدان وأبو الحسن علي بن محمد بن الفرات، وأبو الحسن علي بن عيسى، فاستشار الوزير يوما محمد بن داود بن الجراح في ذلك فأشار بعبد الله بن المعتز ووصفه بالعقل والأدب والرأي، واستشار بعده أبا الحسن بن الفرات فقال هذا شيء ما جرت به عادتي أشير فيه وإنما أشاور في العمال لا في الخلفاء؛ فغضب الوزير وقال هذه مقاطعة باردة وليس يخفى عليه الصحيح.
وألح عليه فقال إن كان رأي الوزير قد استقر على أحد بعينه فليفعل فعلم أنه عني ابن المعتز لاشتهار خبره فقال الوزير لا أقنع إلا أن تمحضني النصيحة فقال ابن الفرات فليتق الله الوزير ولا ينصب إلا من عرفه واطلع على جميع أحواله ولا ينصب بخيلا فيضيق على الناس ويقطع أرزاقهم ولا طماعا فيشره في أموالهم فيصادرهم ويأخذ أموالهم وأملاكهم ولا قليل الدين فلا يخاف العقوبة والآثام ويرجو الثواب فيما يفعله ولا يولي من عرف نعمة هذا وبستان هذا وضيعة هذا وفرس هذا ومن قد لقي الناس ولقوه وعاملهم وعاملوه ويتخيل ويحسب حساب نعم الناس وعرف وجوه دخلهم وخرجهم. فقال الوزير صدقت ونصحت فيمن تشير؟