وأما معز الدولة فإنه سار إلى أن بلغ قنطرة أربق فنزل هناك وجعل على الطرق من يحفظ أصحاب الديلم من الاستئمان إلى روزبهان لأنهم كانوا يأخذون العطاء منه ثم يهربون عنه، وكان اعتماد معز الدولة على أصحابه الأتراك ومماليكه ونفر يسير من الديلم.
فلما كان سلخ رمضان أراد معز الدولة العبور هو وأصحابه الذين يثق بهم إلى محاربة روزبهان فاجتمع الديلم وقالوا لمعز الدولة إن كنا رجالك فأخرجنا معك ونقاتل بين يديك فإنه لا صبر لنا على القعود مع الصبيان والغلمان فان ظفرت كان الاسم لهؤلاء دوننا وأن ظفر عدوك لحقنا العار وإنما قالوا هذا الكلام خديعة ليمكنهم من العبور معه فيتمكنون منه فلما سمع قولهم سألهم التوقف وقال: إنما أريد [أن] أذوق حربهم ثم أعود فإذا كان الغد لقيناهم بأجمعنا وناجزناهم وكان يكثر لهم العطاء فأمسكوا عنه.
وعبر معز الدولة، وعبأ أصحابه كراديس تتناوب الحملات فما زالوا كذلك إلى غروب الشمس ففنى نشاب الأتراك وتعبوا وشكوا إلى معز الدولة ما أصابهم من التعب وقالوا: نستريح الليلة ونعود غدا فعلم معز الدولة إنه إن رجع زحف اليه روزبهان والديلم وثار معهم أصحابه الديلم فيهلك ولا يمكنه الهرب فبكى بين يدي أصحابه وكان سريع الدمعة ثم سألهم أن تجمع الكراديس كلها ويحملوا حملة واحدة وهو في أولهم فأما أن يظفروا وأما أن يقتل أول من يقتل فطالبوه بالنشاب فقال قد بقي مع صغار الغلمان نشاب فخذوه وأقسموه.