وكان حليما كريما عاقلا فمن حلمه أن بعض الخدم سرق جوهرا نفيسا وباعه على بعض التجار بثلاثة عشر ألف درهم فحضر التاجر عند السعيد وأعلمه أنه قد اشترى جوهرا نفسيا لا يصلح إلا للسلطان وأحضر الجوهر عنده فحين رآه عرفه أنه كان له وقد سرق فسأله عن ثمنه ومن أين اشتراه فذكر له الخادم والثمن فأمر فأحضر ثمنه في الحال وأربحه ألفي درهم زيادة.
ثم أن التاجر سأله في دم الخادم فقال لا بد من تأديبه وأما دمه فهو لك فأحضره وأدبه ثم أنفذه إلى التاجر وقال كنا وهبنا لك دمه فقد أنفذناه إليك فلو أن صاحب الجوهر بعض الرعايا لقال هذا مالي قد عاد إلي وخذ أنت مالك ممن سلمته إليه.
وحكي أنه استعرض جنده وفيهم إنسان اسمه نصر بن أحمد فلما بلغه العرض سأله عن اسمه فسكت فأعاد السؤال فلم يجبه فقال بعض من حضر اسمه نصر بن أحمد وإنما سكت إجلالا للأمير فقال السعيد إذا نوجب حقه ونزيد في رزقه ثم قربه وزاد في أرزاقه.
وحكي أنه لما خرج عليه أخوه أبو زكريا نهب خزائنه وأمواله فلما عاد السعد إلى ملكه قيل له عن جماعة انتهبوا ماله فلم يعرض إليهم وأخبروه أن بعض السوقة اشترى منها سكينا نفيسا بمائتي درهم فأرسل إليه وأعطاه مائتي درهم وطلب السكين فأبى أن يبيعه إلا بألف درهم فقال ألا تعجبون من هذا؟ أرى عنده مالي فلم أعاقبه وأعطيته حقه فاشتط في الطلب ثم أمر برضائه.
وحكي أنه طال مرضه فبقي به ثلاثة عشر شهرا فأقبل على الصلاة