بالرجوع إلى بغداد ففارقوه جميعهم وعادوا.
فلما رأى ابن رائق ذلك عاد إلى بغداد واستتر ونزل بجكم بدار مؤنس واستقر أمره ببغداد فكانت مدة إمارة أبي بكر بن رائق سنة واحدة وعشرة أشهر وستة عشر يوما ومن مكر بجكم أنه كان يراسل ابن رائق على لسان أبي زكريا يحيى بن سعيد السوسي، قال أبو زكريا أشرت على بجكم أنه لا يكاشف ابن رائق فقال لما أشرت بهذا فقلت له إنه قد كان له عليك رياسة وأمرة وهو أقوى منك وأكثر عددا والخليفة معه والمال عنده كثير فقال أما كثرة رجاله فهم جوز فارغ وقد بلوتهم فما أبالي بهم قلوا أم كثروا وأما كون الخليفة معه فهذا لا يضرني عند أصحابي وأما ما توهمته من قلة المال معي فليس الأمر كذلك وقد وفيت أصحابي مستحقهم ومعي ما يستظهر به فكم تظن مبلغه فقلت لا أدري فقال على كل حال فقلت مائة ألف درهم فقال غفر الله لك معي خمسون ألف دينار لا احتاج إليها.
فلما استولى على بغداد قال لي يوما أتذكر إذ قلت لك معي خمسون ألف دينار والله لم يكن معي غير خمسة آلاف درهم فقلت هذا يدل على قلة ثقتك بي قال لا ولكنك كنت رسولي إلى ابن رائق فإذا علمت قلة المال معي ضعفت نفسك فطمع العدو فينا فأردت أن تمضي إليه بقلب قوي فتكلمه بما تخلع [به] قلبه ويضعف نفسه قال فعجبت من مكره وعقله.