من حقه برء منه فقط، وبقي حق الآخر لم يبرء منه بلا خلاف، وإذا استوفاه وتقاضاه منه لم يشارك شريكه الذي وهب أو أبرأ أو صالح منه على شئ بلا خلاف، فلو كان شريكه بعد في المال الذي في ذمة الغريم، لكان في هذه الصور كلها يشارك من لم يهب ولم يبرأ فيما يستوفيه منه ويقبضه، ثم عين المال الذي كان شركة بينهما ذهبت ولم يستحقا في ذمة الغريم الذي هو المدين عينا لهما معينة، بل دينا في ذمته، لكل واحد منهما مطالبته بنصيبه، وابراؤه منه وهبته، وإذا أخذه منه وتقاضاه، فما أخذ عينا من أعيان الشركة حتى يقاسمه شريكه فيهما.
ولم يذهب إلى ذلك سوى شيخنا أبي جعفر الطوسي في نهايته، ومن قلده وتابعه بل شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان لم يذكر ذلك في كتاب له، ولا تصنيف، وكذلك السيد المرتضى ولا تعرضا للمسألة، ولا وضعها أحد من القميين، وإنما ذكر ذلك شيخنا في نهايته من طريق أخبار الآحاد، ورد بذلك ثلاثة أخبار أحدها مرسل، وعند من يعمل بأخبار الآحاد لا يعمل عليه.
ولو سلم الخبران تسليم جدل لكان لهما وجه صحيح مستمر على أصول المذهب والاعتبار، وهو أن المال الذي هو الدين كان على رجلين، فأخذ أحد الشريكين و تقاضا جميع ما على أحد الغريمين، فالواجب عليه هيهنا أن يقاسم شريكه على نصف ما أخذه منه، لأنه أخذ ما يستحقه عليه وما يستحقه شريكه أيضا عليه، لأن جميع ما على أحد المدينين لا يستحقه أحد الشريكين بانفراده دون شريكه الآخر، فهذا وجه صحيح، فيحمل الخبران على ذلك إذا أحسنا الظن براويهما. فليتأمل ذلك وينظر بعين الفكر الصافي ففيه غموض).
وهو كما ترى صريح في استقلال الشريك بأخذ حقه من غير حاجة إلى إذن الشريك الآخر، وأنه لا يشاركه فيما أخذه، لأن كلا منهما ديان مستقل، كما إذا باعا صفقتين، بل قد يقال: لا دلالة في كلامه على صحة قسمة الدين ولزومها، بحيث لو قبض أحد الشريكين جميع ما على المديون اختص به للقسمة، بل لعل كلامه الأخير الذي حمل عليه الخبرين صريح في خلافه، ومن هنا لم يشر المصنف وغيره إلى خلافه