وفيه أن المراد من البايع الذمي الذي أقره الشارع على ما عنده بالنسبة إلى الأحكام الظاهرية وإن كان معاقبا باعتبار تكليفه بالفروع، وبصحيح محمد بن مسلم (1) عن أبي جعفر عليه السلام (في رجل ترك غلاما فله في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا، فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه قال: لا يصلح ثمنه، ثم قال: إن رجلا من ثقيف أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راويتين من خمر بعد ما حرمت، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله فأهريقتا، وقال: إن الذي حر شربها حرم ثمنها، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: إن أفضل خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدق بثمنها ومثله في الصدقة خبر أبي أيوب (2).
وفيه أن المتجه حمل الخبرين على عدم معرفة المشتري فيكون الثمن مجهول المالك، فيتصدق به، لا أن الثمن ملك للبايع لأنه قد أعطاه المشتري إياه باختياره، وإن فعلا حراما، كما عن بعض المحدثين الذين لا يبالون بما وقع منهم، وإلا فلا ينبغي التأمل في ذلك بعد استقامة الطريقة خصوصا بعد مرسلة ابن أبي نجران (3) الصحيحة إليه عن الرضا عليه السلام (عن نصراني أسلم وعنده خمر وخنازير وعليه دين هل يبيع خمره و خنازيره ويقضي دينه؟ قال: لا) الدال على حكم المسلم الأصلي بطريق أولى، ومنه يعلم الحال فيما لو أسلم الذمي قبل بيعه ما لا يملكه حال إسلامه، فإنه يخرج بذلك عن ملكه، كما صرح به المشهور.
خلافا للمحكي عن النهاية فقال يتولى بيعها له غيره، للخبر (4) (وأن أسلم رجل وله خمر وخنازير ثم مات وهي في ملكه وعليه دين؟ قال: يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خنازيره فيقضي دينه، وليس له أن يبيعه وهو حي ولا يمسكه) وهو - مع كونه مقطوعا وفي سنده جهالة يمكن حمله على أن له ورثة كفارا يبيعون ذلك ويقضون ديونه، فلا يخرج به عما دل على أن المسلم لا يملك ذلك، ولا يجوز بيعه مباشرة ولا تسبيبا كما هو واضح.